[ ص: 11 ] فصل ( في المكر ، والخديعة ، والسخرية ، والاستهزاء )
ويحرم قال الله تعالى { المكر والخديعة ، والسخرية والاستهزاء : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب } .
وفي سببها وتفسيرها كلام طويل في التفسير ، والمراد بأنفسكم إخوانكم ; لأنهم كأنفسكم .
وقال تعالى { : ويل لكل همزة لمزة } ، وللترمذي وقال غريب من حديث أبي سلمة الكندي عن فرقد السبخي عن مرة بن شراحيل الهمداني عن مرفوعا { أبي بكر الصديق رضي الله عنه } إسناده ضعيف . ملعون من ضار مؤمنا أو مكر به
وعن لؤلؤة عن أبي صرمة { } رواه من ضار ضار الله به ، ومن شاق شق الله عليه أبو داود ، وابن ماجه والترمذي وقال : حسن غريب وفي نسخة صحيح إسناد جيد مع أن لؤلؤة تفرد عنها . محمد بن يحيى بن حبان
ويحرم ، ويحرم المدح والذم كذا قال في الرعاية ، قال الكذب لغير إصلاح وحرب وزوجة ابن الجوزي وضابطه أن كل مقصود محمود لا يمكن التوصل إليه إلا بالكذب فهو مباح إن كان ذلك المقصود مباحا ، وإن كان واجبا فهو واجب وهو مراد الأصحاب ومرادهم هنا لغير حاجة وضرورة فإنه يجب وعند الكذب إذا كان فيه عصمة مسلم من القتل يحرم أيضا لكن يسلك أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما فقال في مفارقة أرض الغصب : إنه [ ص: 12 ] في حال المفارقة عاص ولهذا الكذب معصية ثم لو أراد أن يقتل مؤمنا ظلما فهرب منه فلقي رجلا فقال : رأيت فلانا ؟ كان له أن يقول : لم أره فيدفع أعلى المفسدتين بارتكاب أدناهما . أبي الخطاب
وذكر وغيره إنه حسن حيث جاز لا إثم فيه وهو قول أكثر العلماء . ابن عقيل
قال الشيخ تقي الدين : والمسألة مبنية على القبح العقلي ، فمن نفاه ، وقال : لا حكم إلا لله فإن الكذب يختلف بحسب إمكانه ، ومن أثبته وقال : الأحكام لذات الفعل قبحه لذاته انتهى كلامه .
ومهما أمكن المعاريض حرم وهو ظاهر كلام غير واحد وصرح به آخرون لعدم الحاجة إذا وظاهر كلام المذكور أنه يجوز ولو أمكن المعاريض ، والظاهر أنه مراد تشبيها بالإنشاء من المعذور كمن أبي الخطاب وفيه خلاف مذكور في موضعه ، ومن دليله ; لأنه قد لا يحضره التأويل في تلك الحال فتفوت الرخصة ، فلعل هذا في معناه وليس بالواضح ويأتي في كلام الشيخ أكره على الطلاق ولم يتأول بلا عذر تقي الدين في التوبة من حق الغير ما يوافق التردد والنظر في ذلك ، وجزم في رياض الصالحين بالقول الثاني .
ولو وجب عليه أن يحلف قال في المغني : لأن إنجاء المعصوم واجب وقد تعين في اليمين فيجب ، وذكر خبر احتاج إلى اليمين في إنجاء معصوم من هلكة سويد بن حنظلة أن أخذه عدو له فحلف أنه أخوه ثم ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال { وائل بن حجر } . صدقت المسلم أخو المسلم
وكلام ابن الجوزي السابق في الزيادة على الثلاث المستثناة في الحديث يخرج على الخلاف والمشهور في المذهب هل يقاس على المستثنى من القياس إذا فهم المعنى ؟ ويأتي فعل . عبد الله بن عمر
وقال بعض أصحابنا المتأخرين في كتاب الهدي أنه يجوز إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه كما كذب كذب الإنسان على نفسه وغيره إذا لم يتضمن ضرر ذلك الغير الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله من مكة من المشركين من غير مضرة لحقت بالمسلمين من ذلك الكذب . [ ص: 13 ]
أما ما نال من بمكة من المسلمين من الأذى والحزن فمفسدة يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب ولا سيما تكميل الفرح ، وزيادة الإيمان الذي حصل بالخبر الصادق بعد هذا الكذب وكان الكذب سببا في حصول المصلحة الراجحة .
قال ونظير هذا الإمام والحاكم يوهم الخصم خلاف الحق ليتوصل بذلك إلى استعمال الحق كما أوهم سليمان بن داود عليهما السلام إحدى المرأتين بشق الولد نصفين حتى يتوصل بذلك إلى معرفة عين أمه .