[ ص: 185 ] فصل ( في ) . شكر النعم والصبر على البلاء وفوائده في الالتجاء إلى الله
قال في الفنون : النعم أضياف وقراها الشكر ، والبلايا أضياف وقراها الصبر ، فاجتهد أن ترحل الأضياف شاكرة حسن القرى ، شاهدة بما تسمع وترى . ابن عقيل
وقال : من أحسن ظني به أنه بلغ من لطفه أن وصى ولدي إذا كبرت فقال : { فلا تقل لهما أف } .
فأرجو إذا صرت عنده رميما أن لا يعسف ; لأن أفعاله ، تشاكل أقواله ، وقال الشيخ تقي الدين : من تمام نعمة الله على عباده المؤمنين أن ينزل بهم من الشدة والضر ما يلجئهم إلى توحيده ، فيدعونه مخلصين له الدين ، ويرجونه لا يرجون أحدا سواه ، فتتعلق قلوبهم به لا بغيره ، فيحصل لهم من التوكل عليه ، والإنابة إليه ، وحلاوة الإيمان وذوق طعمه ، والبراءة من الشرك ما هو أعظم نعمة عليهم من زوال المرض والخوف ، أو الجدب أو الضر ، وما يحصل لأهل التوحيد المخلصين لله الدين أعظم من أن يعبر عنه مقال ، ولكل مؤمن من ذلك نصيب بقدر إيمانه ، ولهذا قيل : يا ابن آدم لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك .
وقال بعض الشيوخ : إنه ليكون لي إلى الله حاجة فادعوه فيفتح لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته ما لا أحب معه أن يعجل قضاء حاجتي أو أن ينصرف عني ذلك ; لأن النفس لا تريد إلا حظها وقد قال صلى الله عليه وسلم : { وبمحمد نبيا } . ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا
وقال أيضا : { } فوجود المؤمن حلاوة الإيمان في قلبه [ ص: 186 ] وذوق طعمه أمر يعرفه من حصل له هذا الوجه وهذا الذوق . فالذي يحصل لأهل الإيمان عند تجريد التوحيد يجذب قلوبهم إلى الله وإقبالهم عليه دون ما سواه ، بحيث يكونون حنفاء لله مخلصين له الدين إلى أن قال : وهذا هو حقيقة الإسلام الذي بعثت به الرسل وأنزل به الكتب ، وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه والله أعلم . وجد طعم الإيمان