قال ابن الجوزي هذا فيمن لم يضطره إلى ذلك وإلا جاز قال إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم . ومتى قدر أن لا يظهر موافقتهم لم يجز له ذلك قال أبو الدرداء : ويذكر عن البخاري فذكره ، كذا قال أبي الدرداء ابن الجوزي ، وقول هذا ليس فيه موافقة على محرم ولا في كلام ، وإنما فيه طلاقة الوجه خاصة للمصلحة وهو معنى ما في الصحيحين وغيرهما عن أبي الدرداء رضي الله عنها { عائشة إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس أو تركه الناس اتقاء فحشه . عائشة } أن رجلا استأذن على النبي فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس رجل العشيرة فلما دخل ألان له القول قلت : يا رسول الله قلت ثم ألنت له القول قال يا
قال في شرح وغيره : فيه مداراة من يتقى فحشه ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه إنما تألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام ، وقد ذكر مسلم كلام ابن عبد البر في فضل حسن الخلق . أبي الدرداء
وفي الصحيحين لما تخلف عن غزوة كعب بن مالك تبوك كان يجيء ويسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فتبسم تبسم المغضب .
قال بعض أصحابنا في كتاب الهدي ومنها : أن التبسم يكون عن الغضب كما يكون عن التعجب والسرور فإن كلا منهما يوجب انبساط دم القلب وثورانه ، ولهذا تظهر حمرة الوجه لسرعة فوران الدم فيه فينشأ عن ذلك السرور ، والغضب تعجب يتبعه ضحك أو تبسم فلا يغتر المغتر بضحك القادر عليه في وجهه ولا سيما عند المعتبة كما قيل
إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم
[ ص: 51 ] وقيل في فنونه : أسمع وصية الله عز وجل يقول : { لابن عقيل ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم }وأسمع الناس يعدون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا ، فكيف لي بطاعة الله تعالى ؟ فقال والتخلص من النفاق : النفاق هو : إظهار الجميل ، وإبطال القبيح ، وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر ، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن . فخرج من هذه الجملة أن النفاق إبطال الشر وإظهار الخير لإيقاع الشر المضمر ابن عقيل
، فليس بمنافق لكنه يستصلح ألا تسمع إلى قوله سبحانه وتعالى { ومن أظهر الجميل والحسن في مقابلة القبيح ليزول الشر فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم }
فهذا اكتساب استمالة ، ودفع عداوة ، وإطفاء لنيران الحقائد ، واستنماء الود وإصلاح العقائد ، فهذا طب المودات واكتساب الرجال .