ويسن أن يتعلم الأدب والسمت والفضل والحياء وحسن السيرة شرعا وعرفا قال : ثنا أحمد حسن ثنا زهير ثنا قابوس بن أبي ظبيان أن أباه حدثه عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن عباس } إن الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة قابوس مختلف فيه .
ورواه أبو داود عن النفيلي عن زهير قال في النهاية : " الهدي السيرة والهيئة والطريقة " ومعنى الحديث أن هذه الخلال من شمائل الأنبياء ومن جملة خصالهم وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم .
وليس المعنى أن النبوة تتجزأ ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة فإن النبوة غير مكتسبة ولا مجتلبة بالأسباب وإنما هي كرامة من الله تعالى ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ما جاءت به النبوة ودعت إليه وتخصيص هذا العدد مما يستأثر النبي صلى الله عليه وسلم بمعرفته .
وهذا الخبر في الموطأ ولفظه { } وذكره . القصد والتؤدة وحسن السمت
ورواه الترمذي من حديث إسناد جيد وقال حسن غريب وفيه { عبد الله بن سرجس } وترجم جزء من أربعة وعشرين جزءا من النبوة أبو داود على الحديثين الصحيحين المشهورين قول كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنه يتوكأ ، وقول أنس كان إذا مشى كأنما يهوي في صبوب ( باب في هدي الرجل ) يروى صبوب بالفتح وهو اسم لما يصب على الإنسان من ماء وغيره كالطهور والغسول ، وبالضم جمع صبب أي في موضع منحدر ، وقيل : الصب والصبوب تصوب نهر أو طريق . أبي الطفيل
وعن إبراهيم النخعي قال كانوا إذا أتوا الرجل ليأخذوا عنه نظروا إلى سمته وإلى صلاته وإلى حاله ثم يأخذون عنه وقد روي هذا المعنى عن جماعة . [ ص: 419 ]
وأن يحسن خلقه وصحبة والديه وغيرهما وأن يقول ما ورد إذا ركب دابة أو غيرها أو سافر أو ودع مسافرا أو يقول للسائل رزقنا الله ، وإياك . وروي عن أنه كان يقول للسائل ذلك وروى اللفظ الأول عنه أحمد جعفر والثاني الفضل بن زياد وروى عن الخلال أنها كانت تقول لا تقولوا للسائل بورك فيك فإنه قد يسأل الكافر والمسلم ولكن قولوا رزقنا الله وإياك . عائشة
وعن أبي بن كعب { } إسناد جيد رواه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر أحد عنده فدعا له بدأ بنفسه أبو داود والنسائي والترمذي واللفظ له وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم { } وظاهره يقتضي أمر الدنيا والآخرة وقال ابدأ بنفسك أبو داود في باب الأدب : كتب معي كتابا إلى رجل فأمرني الرجل فقرأته فكان فيه وكفانا وإياك كل مهم من أمر الدنيا والآخرة ذكر في شرح مسلم قوله { أحمد } إنه يستحب تقديم نفسه فيما يتعلق بأمر الآخرة وأن في أمر الدنيا المستحب تقديم غيره وإيثاره . رحمة الله علينا وعلى موسى
وقد قال تعالى : { وأما السائل فلا تنهر } قيل طالب العلم وجمهور المفسرين المراد به سائل البر والمعنى : لا تنهره إما أن تعطيه وإما أن ترده ردا لينا قال ابن الجوزي والبغوي : يقال نهره ينتهره إذا استقبله بكلام يزجره انتهى كلامهما فهذا المراد والله أعلم .
أما لو رده بلين فلم يقبل وألح كفعل بعض السؤال سقط احترامه ويؤدب بلطف بحسب ما يقتضيه الحال والمصلحة ثم قد يقال هو أولى [ ص: 420 ] من تركه والصبر عليه ، لا سيما إن قال أو فعل ما لا ينبغي لما فيه من زجره وتهذيبه وتقويمه فهو إحسان إليه مع إقامة الشرع في عقوبة المعتدي وقد يقال الصبر عليه أولى والله أعلم .
وقد قال القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى : { قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى } .
إن قصد بعض الوزراء في حاجة لم يقضها فظهر منه ضجر فأنشده : ابن دريد
لا يدخلنك ضجرة من سائل فلخير دهرك أن ترى مسئولا لا تجبهن بالرد وجه مؤمل
فبقاء عزك أن ترى مأمولا تلقى الكريم فيسبقنك بشره
وترى العبوس على اللئيم دليلا واعلم بأنك عن قليل صائر
خبرا فكن خبرا يروق جميلا
ويقول للمسافر سفرا مباحا : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك وزودك الله التقوى . وقال صالح لأبيه : المرأة تقول لأبيها : الله خليفتي عليك قال لو استودعته الله كان أحب إلي ، فأما خليفتي فما أدري . انتهى كلامه .
وفي حديث الدجال { } . في حواشي تعليق القاضي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الله خليفتي على كل مسلم أبي يعلى قال عيسى بن جعفر ودعت حين أردت الخروج إلى أحمد بن حنبل بابل فقال : لا جعله الله آخر العهد منا ومنك .
وروى أبو داود والترمذي عن رضي الله عنه عنه قال { عمر } وفي رواية قال : { استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في العمرة فأذن وقال : لا تنسنا يا أخي من دعائك فقال : كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا . } . أشركنا يا أخي في دعائك
وعن عن يحيى بن أبي كثير أبي جعفر عن مرفوعا { أبي هريرة } رواه ثلاث دعوات مستجابات دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد أبو داود والترمذي وحسنه وزاد : " على ولده " وكذا رواه ولفظ أحمد لولده ابن ماجه وأبو جعفر تفرد عنه يحيى .
وعن مرفوعا { أبي هريرة } [ ص: 421 ] رواه ثلاثة لا ترد دعوتهم الإمام العادل ، والصائم حين يفطر ، ودعوة المظلوم أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه وعنده قلت : يا رسول الله مم خلق الله الخلق ؟ قال : " من الماء " .
وروى ثنا أحمد ثنا يزيد بن هارون همام عن عن قتادة أبي ميمونة عن { أبي هريرة } إسناد جيد . قلت : يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي ، وقرت عيني ، فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من ماء
وعن أنه كان يقول للرجل أودعك كما { ابن عمر } رواه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودعنا فيقول : أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح .
وروى أبو داود وغيره بإسناد صحيح معناه من حديث عبد الله بن يزيد الخطمي الصحابي رضي الله عنه .
والمراد بالأمانة هاهنا أهله ومن يخلفه منهم وماله الذي يودعه ويستحفظه أمينه ووكيله ، وجرى ذكر الدين مع الودائع ; لأن السفر قد يكون سببا لإهمال بعض الأمور المتعلقة بالدين فدعا له بالمعونة والتوفيق فيها . ذكر ذلك وغيره . { الخطابي } رواه وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أريد سفرا فزودني قال : زودك الله التقوى قال : زدني قال : وغفر ذنبك قال : زدني قال : ويسر لك الخير حيث ما كنت . الترمذي وحسنه من حديث . أنس
وقال في كتاب بهجة المجالس : إذا خرج أحدكم إلى سفر فليودع إخوانه فإن الله جاعل في دعائهم بركة قال : وقال ابن عبد البر الشعبي : السنة إذا قدم رجل من سفر أن يأتيه إخوانه فيسلمون عليه ، وإذا خرج إلى سفر أن يأتيهم فيودعهم ويغنم دعاءهم .
وقد قيل :
فراقك مثل فراق الحياة وفقدك مثل افتقاد الديم
عليك السلام فكم من وفا أفارق منك وكم من كرم
[ ص: 422 ] وقيل :
لم أنس يوم الرحيل موقفها وطرفها في دموعها غرق
وقولها والركاب واقفة تتركني هكذا وتنطلق
وقيل :
ليس شيء من الفراق وإن كان أخو الوجد والها كلفا
أحرق من وقفة المشيع للقلب يريد الرجوع منصرفا
وقيل :
أقول له حين ودعته وكل بعبرته مفلس
لئن رجعت عنك أجسامنا لقد سافرت معك الأنفس
وقيل :
يا راحل العيس عرج بي أودعهم يا راحل العيس في ترحالك الأجل
إني على العهد لم أنقض مودتهم يا ليت شعري لطول العهد ما فعلوا
صاح الغراب بوشك البين فارتحلوا وقربوا العيس قبل الصبح واحتملوا
وغادروا القلب ما تهدا لواعجه كأنه بضرام النار يشتعل
وفي الجوانح نار الحب تقدحها أيدي النوى بزناد الشوق إذ رحلوا
وقيل :
أهدي إليه سفرجلا فتطيرا منه وظل مفكرا متحيرا
خوف الفراق لأن شطر هجائه سفر وحق له بأن يتطيرا
ودع أعرابي رجلا فقال : كبت الله لك كل عدو إلا نفسك ، وجعل خير عملك ما ولي أجلك قال الشاعر :
وكل مصيبات الزمان وجدتها سوى فرقة الأحباب هينة الخطب