[ ص: 276 ] فصل في كون التوكل والدعاء نافعين في الدنيا لا عبادتين لنفع الآخرة وحده )
قال الشيخ أيضا ظن طائفة أن التوكل لا يحصل به جلب منفعة ولا دفع مضرة ، بل كان مقدورا بدون التوكل فهو مقدور معه ولكن يثاب عليها من جنس الرضا بالقضاء وقول هؤلاء يشبه قول من قال إن الدعاء لا يحصل به جلب منفعة ولا دفع مضرة بل هو عبادة يثاب عليها إلى أن قال الذي عليه الجمهور أن المتوكل والداعي يحصل له من جلب المنفعة ودفع المضرة ما لا يحصل لغيره ، والقرآن يدل على ذلك ، ثم هو سبب عند الأكثرين وعلامة وأمارة عند من ينفي الأسباب ويقول إن الله يفعل عندها لا بها ويقولون ذلك في جميع العبادات وذكر كلاما كثيرا ، احتج بالآيات المشهورة . التوكل عبادة
وذكر في التحفة العراقية أن باتفاق أئمة الدين وقال في شرح مسلم قال العلماء رحمهم الله استعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الأشياء لتكمل صفاته في كل أحواله ، وشرعه أيضا تعليما لأمته . التوكل واجب
وفي هذه الأحاديث دليل لاستحباب الدعاء والاستعاذة من هذه الأشياء المذكورة وما في معناها ، وهذا هو الصحيح والذي أجمع عليه العلماء وأهل الفتاوى في الأمصار في كل الأعصار وذهب طائفة من الزهاد وأهل المعارف إلى أن ترك الدعاء أفضل استسلاما للقضاء .
وقال آخرون منهم إن دعا للمسلمين فحسن ، وإن دعا لنفسه فالأولى تركه وقال آخرون منهم إن وجد في [ ص: 277 ] نفسه باعثا للدعاء استحب وإلا فلا ، ودليل الفقهاء ظواهر القرآن والسنة في الأمر بالدعاء وفعله والإخبار عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين بفعله .
وقال الشيخ تقي الدين في مواضع : أعمال القلوب كمحبة الله ورسوله والتوكل على الله وإخلاص الدين له والشكر له والصبر على حكمه والخوف منه والرجاء له وما يتبع ذلك واجب على جميع الخلق مأمورون باتفاق أئمة الدين لا يكون تركها محمودا في حال أحد وإن ارتقى مقامه والذي ظن أن التوكل من المقامات العامة ظن أن التوكل لا يطلب به إلا حظوظ الدنيا وهو غلط ، بل التوكل في الأمور الدينية أعظم .