الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بطل ) الباء والطاء واللام أصل واحد ، وهو ذهاب الشيء وقلة مكثه ولبثه . يقال : بطل الشيء يبطل بطلا وبطولا . وسمي الشيطان الباطل لأنه لا حقيقة لأفعاله ، وكل شيء منه فلا مرجوع له ولا معول عليه . والبطل الشجاع . قال أصحاب هذا القياس سمي بذلك لأنه يعرض نفسه للمتالف . وهو صحيح ، يقال : بطل بين البطولة والبطالة . وقد قالوا : امرأة بطلة . فأما قولهم في المثل : " مكره أخوك لا بطل " فقد اختلف فيه . قال قوم : المثل لجرول بن نهشل بن دارم ، وكان جبانا ذا خلق كامل ، وأن حيا من العرب غزا بني دارم فاقتتلوا هم وبنو دارم قتالا شديدا ، حتى كثرت القتلى ، وجاء جرول فرأى رجلا يسوق ظعينة فلما رآه الرجل خشيه لكمال خلقه ، وهو لا يعرفه ، فقال جرول : " أنا جرول بن نهشل ، في الحسب المرفل " ، فعطف عليه الرجل وأخذه وكتفه وهو يقول :


                                                          إذا ما رأيت امرأ في الوغى فذكر بنفسك يا جرول

                                                          [ ص: 259 ] حتى انتهى به إلى قائد الجيش ، وقد كان عرف جبن جرول ، فقال : يا جرول ، ما عهدناك تقاتل الأبطال ، وتحب النزال ! فقال جرول : " مكره أخوك لا بطل " .

                                                          وقال قوم : بل المثل لبيهس ، وقد ذكر حديثه في غير هذا الباب بطوله .

                                                          ويقال : رجل بطال بين البطالة . وذهب دمه بطلا ، أي : هدرا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية