الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بكوء ) الباء والكاف والواو والهمزة أصلان : أحدهما البكاء ، والآخر نقصان الشيء وقلته .

                                                          فالأول بكى يبكي [ بكاء ] . قال الخليل : هو مقصور وممدود . وتقول : باكيت فلانا فبكيته ، أي كنت أبكي منه .

                                                          قال النحويون : من قصره أجراه مجرى الأدواء والأمراض ، ومن مده أجراه مجرى الأصوات كالثغاء والرغاء والدعاء . وأنشد في قصره ومده :


                                                          بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل

                                                          قال الأصمعي : بكيت الرجل وبكيته ، كلاهما إذا بكيت عليه ; وأبكيته صنعت به ما يبكيه . قال يعقوب : البكاء في العرب الذي ينسب إليه فيقال بنو البكاء ، هو عوف بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ، سميه لأن أمه تزوجت بعد موت أبيه فدخل عوف المنزل وزوجها معها ، فظنه يريد قتلها ، فبكى أشد البكاء .

                                                          [ ص: 286 ] والأصل الآخر قولهم للناقة القليلة اللبن هي بكيئة ، وبكؤت تبكؤ بكاءة ممدودة . وأنشد :


                                                          يقال محبسها أدنى لمرتعها     ولو تعادى ببكء كل محلوب

                                                          يقول : محبسها في دار الحفاظ أقرب إلى أن تجد مرتعا مخصبا . قال أبو عبيد : فأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم : إنا معشر الأنبياء بكاء فإنهم قليلة دموعهم . وقال زيد الخيل :


                                                          وقالوا عامر سارت إليكم     بألف أو بكا منه قليل

                                                          فقوله بكا نقص ، وأصله الهمز ، من بكأت الناقة تبكأ ، إذا قل لبنها ، وبكؤت تبكؤ أيضا . وقال :


                                                          إنما لقحتنا خابية     جونة يتبعها برزينها
                                                          وإذا ما بكأت أو حاردت     فض عن جانب أخرى طينها

                                                          وقال الأسعر الجعفي :


                                                          بل رب عرجلة أصابوا خلة     دأبوا وحارد ليلهم حتى بكا

                                                          قال : حارد قل فيه المطر ; وبكا ، مثله ، فترك الهمز .

                                                          [ ص: 287 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية