الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب القضاء في كراء الدابة والتعدي بها

                                                                                                          قال يحيى سمعت مالكا يقول الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ذلك المكان ويتقدم إن رب الدابة يخير فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك ويقبض دابته وله الكراء الأول وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته من المكان الذي تعدى منه المستكري وله الكراء الأول إن كان استكرى الدابة البدأة فإن كان استكراها ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى إليه فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول وذلك أن الكراء نصفه في البدأة ونصفه في الرجعة فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء الأول ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى إليه لم يكن على المستكري ضمان ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء

                                                                                                          قال وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف لما أخذوا الدابة عليه

                                                                                                          قال وكذلك أيضا من أخذ مالا قراضا من صاحبه فقال له رب المال لا تشتر به حيوانا ولا سلعا كذا وكذا لسلع يسميها وينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها فيشتري الذي أخذ المال الذي نهي عنه يريد بذلك أن يضمن المال ويذهب بربح صاحبه فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل وإن أحب فله رأس ماله ضامنا على الذي أخذ المال وتعدى

                                                                                                          قال وكذلك أيضا الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها فيخالف فيشتري ببضاعته غير ما أمره به ويتعدى ذلك فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار إن أحب أن يأخذ ما اشتري بماله أخذه وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامنا لرأس ماله فذلك له

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          15 - باب القضاء في كراء الدابة والتعدي بها

                                                                                                          - ( مالك : الأمر عندنا في الرجل يستكري الدابة إلى المكان المسمى ثم يتعدى ) يتجاوز ( ذلك المكان أن رب الدابة يخير فإن أحب أن يأخذ كراء دابته إلى المكان الذي تعدي بها إليه أعطي ذلك ) أي كراء المثل فيما تعدى لا على قدر ما تكارى ، قاله الإمام في المدونة ( ويقبض دابته وله الكراء الأول ) أيضا . ( وإن أحب رب الدابة فله قيمة دابته ) يوم التعدي ( من المكان الذي تعدى منه المستكري ) وله الكراء الأول فقط دون ما زاد ، وهذا التخيير إذا تغيرت بالزائد أو حبسها حتى تغير سوقها ، أما لو ردها بحالها فإنما لربها كراء ما تعدى فيه الأول ، ومحل كونه الأول بتمامه ( إن كان استكرى الدابة البداءة ) أي الذهاب ( فإن كان استكراها ذاهبا وراجعا ثم تعدى حين بلغ البلد الذي استكرى إليه ، فإنما لرب الدابة نصف الكراء الأول ) ثم يخير بعد ذلك على ما تقدم ( وذلك أن الكراء نصفه في البدأة ونصفه في الرجعة ، فتعدى المتعدي بالدابة ولم يجب عليه إلا نصف الكراء ) هذا إذا كانت قيمة الذهاب والرجوع سواء ، فإن اختلفت لرغبة الناس في أحدهما لزم التقويم ( ولو أن الدابة هلكت حين بلغ بها البلد الذي استكرى ) الدابة ( إليه لم يكن [ ص: 36 ] على المستكري ضمان ) لأنه فعل ما أكراها عليه ( ولم يكن للمكري إلا نصف الكراء ) إذا اكترى ذهابا وإيابا . ( قال : وعلى ذلك أمر أهل التعدي والخلاف ) أي المخالفة ( لما أخذوا الدابة عليه ) كأن يحملوها غير ما أكروها عليه ، أو يزيدوا على قدر ما أكروها مما بين في الفروع وبسطه الباجي . ( وكذلك أيضا من أخذ مالا قراضا من صاحبه فقال له رب المال : لا تشتر به حيوانا ولا سلعا كذا وكذا . لسلع يسميها وينهاه عنها ويكره أن يضع ماله فيها ، فيشتري الذي أخذ المال ) أي عامل القراض ( الذي نهي عنه ، يريد بذلك أن يضمن المال ويذهب بربح صاحبه ، فإذا صنع ذلك فرب المال بالخيار إن أحب أن يدخل معه في السلعة على ما شرطا بينهما من الربح فعل ، وإن أحب فله رأس ماله ) حال كونه ( ضامنا ) أي مضمونا ( على الذي أخذ المال وتعدى ) فخيره في أمرين ، وزاد الإمام في الواضحة ثالثا : بيع السلعة عليه ، فإن كان فضل فعلى القراض ، وإن كان نقص ضمن ، أي لتعديه ، قال : فإن لم يعلم بذلك حتى باع السلعة ضمن إن بيعت بنقص وبربح فعلى القراض ( وكذلك الرجل يبضع معه الرجل بضاعة فيأمره صاحب المال أن يشتري له سلعة باسمها ، فيخالف فيشتري بضاعته غير ما أمره به ويتعدى ذلك ، فإن صاحب البضاعة عليه بالخيار : إن أحب أن يأخذ ما اشترى بماله أخذه ، وإن أحب أن يكون المبضع معه ضامنا لرأس ماله فذلك له ) فإن علم به بعد بيع السلعة ، فالمشهور عن مالك إن كان فيها ربح فلصاحب البضاعة ، ونقص فعلى المبضع معه .




                                                                                                          الخدمات العلمية