الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني مالك عن عمر بن عبد الرحمن بن دلاف المزني عن أبيه أن رجلا من جهينة كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل فيغلي بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج فأفلس فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب فقال أما بعد أيها الناس فإن الأسيفع أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال سبق الحاج ألا وإنه قد دان معرضا فأصبح قد رين به فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم وإياكم والدين فإن أوله هم وآخره حرب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1501 1454 - ( مالك ، عن عمر ) بضم العين ( ابن عبد الرحمن ) بن عطية ( بن دلاف ) بفتح الدال ، مضبوط في النسخ الصحيحة ، وضبطه بعضهم بضمها وآخره فاء ( المزني ) نسبة إلى مزينة المدني ، وقد يسقط عطية من نسبه كما هنا ، روى عن أبيه ، وعن أبي أمامة في خروج الدابة . وعنه مالك ، وعبيد الله العمري ، وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وقريش بن حيان وغيرهم . وذكره البخاري ولم يذكر فيه جرحا ، وكفى برواية مالك عنه توثيقا ( عن أبيه ) هكذا لبعض الرواة ، وبعضهم لم يقل عن أبيه والصواب إثباته ، قاله ابن الحذاء ، وقد وصله الدارقطني ، وابن أبي شيبة من طريق عبيد الله بن عمر عن ابن دلاف عن أبيه عن بلال بن الحارث ، عن عمر ( أن رجلا ) هو الأسيفع ( من جهينة ) بضم الجيم وفتح الهاء ، قبيلة من قضاعة ( كان يسبق الحاج فيشتري الرواحل ) جمع راحلة ، الناقة الصالحة للرحل ( يغلي ) بضم التحتية وإسكان المعجمة ، يزيد ( بها ثم يسرع السير فيسبق الحاج ، فأفلس ) افتقر وقل ماله ( فرفع أمره إلى عمر بن الخطاب ، فقال ) وفي رواية عبد الرزاق : فدار عليه دين حتى أفلس ، فقام عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : لا يغرنكم صيام رجل ولا صلاته ، ولكن انظروا إلى صدقه إذا حدث وإلى أمانته إذا اؤتمن ، وإلى ورعه إذا استغنى ثم قال : ( أما بعد ، أيها الناس فإن الأسيفع ) بضم الهمزة وفتح المهملة وبالفاء ، مصغر ، الجهني ، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ( أسيفع جهينة رضي من دينه وأمانته بأن يقال سبق الحاج ) وذلك ليس بدين ولا أمانة ، والمعنى بذلك ذمه تحذيرا لغيره وزجرا له . ( ألا ) بالفتح والتخفيف ( وإنه قد دان ) اشترى إلى أجل مسمى ( معرضا ) عن قضائه ، قال الهروي : أي اشترى بدين ولم يهتم بقضائه ( فأصبح قد رين به ) بكسر الراء وتحتية ساكنة ونون ، قال الهروي : يعني أحاط بماله الدين ( فمن كان له عليه دين فليأتنا بالغداة نقسم ماله بينهم ) أي بين غرمائه ( وإياكم [ ص: 133 ] والدين ) أي احذروه ( فإن أوله هم ) أي حزن ( وآخره حرب ) بفتح الراء وسكونها ، أخذ مال الإنسان وتركه لا شيء له .

                                                                                                          فائدة : أخرج الخطيب البغدادي في كتابه تالي التلخيص عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من جبل جياد في أيام التشريق والناس بمنى قال : فلذلك جاء سابق الحاج يخبر بسلامة الناس ، قال السيوطي : هذا أصل لقدوم المبشر عن الحاج ، وفيه بيان سبب ذلك ، وأنه كان في زمن عمر بن الخطاب إلا أن المبشر الآن يخرج من مكة يوم العيد ، وحقه أن لا يخرج إلا بعد أيام التشريق ، لكن خرج ابن مردويه في تفسيره عن حذيفة بن أسيد ، أراه رفعه قال : تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة ، فبينما هم قعود تربو الأرض ، فبينما هم كذلك إذ تصدعت قال ابن عيينة : تخرج حين يسير الإمام من جمع ، وإنما جعل سابق الحاج ليخبر الناس أن الدابة لم تخرج ، فهذا يقتضي أن خروج المبشر يوم العيد واقع موقعه .




                                                                                                          الخدمات العلمية