الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2114 1241 - (2113) - (1 \ 236) عن ابن عباس ، قال : رأى رجل رؤيا ، فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إني رأيت كأن ظلة تنطف عسلا وسمنا ، فكان الناس يأخذون منها ، فبين مستكثر ، وبين مستقل ، وبين ذلك ، وكأن سببا متصلا إلى السماء - وقال يزيد مرة : وكأن سببا دلي من السماء - فجئت ، فأخذت به ، فعلوت ، فأعلاك الله ، ثم جاء رجل من بعدك ، فأخذ به ، فعلا ، فأعلاه الله ، ثم جاء رجل

[ ص: 364 ] من بعدكما ، فأخذ به ، فعلا ، فأعلاه الله ، ثم جاء رجل من بعدكم ، فأخذ به فقطع به ، ثم وصل له ، فعلا ، فأعلاه الله .

قال أبو بكر : ائذن لي يا رسول الله ، فأعبرها ، فأذن له ، فقال : أما الظلة : فالإسلام ، وأما العسل والسمن : فحلاوة القرآن ، فبين مستكثر ، وبين مستقل ، وبين ذلك ، وأما السبب : فما أنت عليه ، تعلو فيعليك الله ، ثم يكون من بعدك رجل على منهاجك ، فيعلو ويعليه الله ، ثم يكون من بعدكما رجل ، فيأخذ بأخذكما ، فيعلو فيعليه الله ، ثم يكون من بعدكم رجل يقطع به ، ثم يوصل له ، فيعلو فيعليه الله ، قال : أصبت يا رسول الله ؟ قال : "أصبت ، وأخطأت " ، قال : أقسمت يا رسول الله لتخبرني ، فقال : "لا تقسم " .


التالي السابق


* قوله : "كأن " : - بتشديد النون - ها هنا وفيما بعد .

* "ظلة " : - بضم فتشديد - ; أي : سحابة .

* "تنطف " : كنصر وضرب ; أي : تسيل .

*فبين مستكثر " : أي : آخذ للكثير ، وهذا خبر محذوف ; أي : هم بين هذه الأقسام ; أي : إنهم لا يخلون عن هذه الأقسام ، ففيهم من هو مستكثر ، وفيهم من هو مستقل ، وفيهم من هو متوسط .

* وقوله : "وبين ذلك " : أي : ومن هو بين ذلك المذكور من الاستكثار والاستقلال .

* "سببا " : حبلا .

* "فعلاك الله " : - بتشديد اللام - .

* "فقطع به ، ثم وصل له " : هذا إشارة إلى أن عثمان كاد أن ينقطع من اللحاق بصاحبيه بسبب ما وقع له من تلك القضايا التي أنكروها ، فعبر عنها بانقطاع الحبل ، ثم وقعت له الشهادة ، فاتصل بهم ، فعبر عنه بأن الحبل وصل

[ ص: 365 ] له ، فاتصل ، فالتحق بهم ; كذا ذكره الحافظ ابن حجر .

* "فأعبرها " : من عبر ; كنصر ، وهو بالنصب على أنه جواب الأمر .

* "فحلاوة القرآن " : قد جاء في الروايات : "فلينه وحلاوته " ، فها هنا اختصار وقع من بعض الرواة ، فشبه القرآن بالسمن في اللين ، وبالعسل في الحلاوة ، فظهر في عالم المثال بالصورتين جميعا ، وهو واحد .

قيل : هذا موضع الخطأ ، وإنما هما الكتاب والسنة ، والوجه ترك التعرض لموضع الخطأ ; فإن ما خفي على أبي بكر يستبعد فيه الإصابة لغيره ، والله تعالى أعلم .

* "لا تقسم " : فيه أن إبرار المقسم إنما ينبغي إذا لم يمنع عنه مانع ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية