الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1199 716 - (1196) - (1 \ 141) عن محمد بن علي ، قال : جاء إلى علي ناس من الناس ، فشكوا سعاة عثمان ، قال : فقال لي أبي : اذهب بهذا الكتاب إلى عثمان ، فقل له : إن الناس قد شكوا سعاتك ، وهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة ، فمرهم فليأخذوا به . قال : فأتيت عثمان ، فذكرت ذلك له ، قال : فلو كان ذاكرا عثمان بشيء ، لذكره يومئذ ، يعني : بسوء .

التالي السابق


* قوله : "سعاة عثمان " : - بضم سين - : جمع ساع ، وهم الذين كانوا على الصدقات .

* "فذكرت ذلك له " : فيه اختصار ; أي : فرده عثمان - رضي الله تعالى عنه - كما في البخاري في كتاب الخمس .

* "بشيء " : أي : بسوء .

وسبب الحديث أن منذرا قال عنا عند ابن الحنفية ، فقال بعض القوم : من عثمان ؟ فقال : مه ، فقلنا له : أكان أبوك يسب عثمان ؟ فقال : لو كان ذاكرا عثمان ; أي : بسوء - كما زاده الإسماعيلي - ، ذكره يوم جاءه ناس فشكوا سعاة عثمان ، فقال لي : خذ هذا الكتاب فاذهب به إلى عثمان ، فأخبره أنها ; أي : الصحيفة ; أي : ما فيها صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمر سعاتك يعملون بها ، فأتيته بها ، فقال : أغنها ; أي : اصرفها عنا ، فأتيت بها عليا ، فأخبرته ، فقال : ضعها

[ ص: 31 ] حيث أخذتها
، كذا في "البخاري " ، مع ما ذكره القسطلاني في شرحه من رواية ابن أبي شيبة .

ولعل وجه ذلك أن عثمان - رضي الله تعالى عنه - رأى أن عماله عالمون بما في الكتاب ، وعاملون به ، فلا حاجة إليه ، فأمر بصرفه ، وعلم أن شكاية الناس ليست لظلم العمال ، وإنما هي في طبعهم من حب المال وكراهية الإنفاق ، أو علم أن عماله ظلمة يستحقون العزل ، ولا ينفعهم الكتاب ، فأراد أن يعزلهم ، وينصب موضعهم من هو عالم بالكتاب ، فأمره بصرف الكتاب لذلك ، ولم يرد إعراضه عن العمل بما في الكتاب ، حاشاه عن ذلك - رضي الله تعالى عنه - ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية