الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1475 842 - (1472) - (1 \ 171) أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد : أن محمد بن سعد بن أبي وقاص : أخبره أن أباه سعد بن أبي وقاص ، قال : استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه ، عالية أصواتهن ، فلما استأذن ، قمن يبتدرن الحجاب ، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني : فدخل - ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ، ابتدرن الحجاب " ، قال عمر : فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن ، ثم قال عمر : أي عدوات أنفسهن ! أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلن : نعم ، أنت أغلظ وأفظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "والذي نفسي بيده ! ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا ، إلا سلك فجا غير فجك " . قال عبد الله : قال أبي : وقال يعقوب : ما أحصي ما سمعته يقول : حدثنا صالح عن ابن شهاب .

التالي السابق


* قوله : "وعنده نساء " : قيل : هن أزواجه .

* "ويستكثرنه " : أي : يطلبن منه أكثر مما يعطيهن من النفقة .

[ ص: 108 ] وقال النووي : قال العلماء : معنى "يستكثرنه " : يطلبن كثيرا من كلامه وجوابه بحوائجهن وفتاويهن .

* قوله : "عالية " : - بالنصب على الحال ، أو الرفع على النعت - ، قيل : كان قبل النهي عن رفع الصوت على صوته ، أو كان ذلك من طبعهن ، أو المراد : علو صوتهن بالاجتماع ، لا أن صوت كل واحدة عال على صوته صلى الله عليه وسلم .

* قوله : "يبتدرن الحجاب " : أي : أسرعن إليه .

* قوله : "أضحك الله " : تعريضا للسؤال عن سببه ، وهو دعاء بالسرور اللازم للضحك ; فإنه غير مطلوب .

* قوله : "أحق أن يهبن " : - بفتح الهاء - من الهيبة ; أي : يوقرن .

* "أنت أغلظ . . . إلخ " : مقصودهن الكناية عن كونه صلى الله عليه وسلم ألين وألطف منه ، لا إثبات الغلظة له حتى يقال : إنه مناف لقوله - تعالى - : ولو كنت فظا غليظ القلب [آل عمران : 159] .

* "إلا سلك فجا . . . إلخ " : قيل : أي : لشدة بأسه ; خوفا من أن يفعل به شيئا ، فهو على ظاهره ، أو هو كناية عن كون عمر فارق سبيل الشيطان ، وسلك سبيل السداد ، فخالف كل ما يحبه الشيطان .

قلت : والوجه أنه على ظاهره ، لا لما سبق ، بل لأن الشيطان يكرهه كما يكره الأذان ; لغاية استقامته وإنكاره المنكرات ، والله تعالى أعلم .

* * *




الخدمات العلمية