[ ص: 3 ] بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وبعد:

فهذا تعليق لطيف على مسند الإمام الهمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - رضي الله تعالى عنه - مقتصر على ذكر ما يحتاج إليه القارئ والمدرس من ضبط اللفظ، وإيضاح الغريب والإعراب قدر ما يتيسر - إن شاء الله تعالى - رزقنا الله الختم على الإيمان بعد التوفيق للإتمام، آمين رب العالمين.

ولنبدأ قبل الشروع في المقصود بذكر بعض أحوال الإمام المؤلف تبركا به، وإن كان هو لشهرته غنيا عن ذلك.

* * *

[ ص: 4 ] nindex.php?page=treesubj&link=33935ترجمة الإمام nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل

قال النووي - رحمه الله تعالى - في "التهذيب": هو الإمام البارع المجمع على إمامته وجلالته وورعه وزهده وحفظه، ووفور علمه وسيادته، nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني المروزي ثم البغدادي، خرج من "مرو" حملا، وولد ببغداد، ونشأ بها إلى أن توفي بها، ودخل مكة والمدينة والشام واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة، سمع nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة، وابن علية، nindex.php?page=showalam&ids=16349وابن مهدي، ويزيد بن هارون بن المديني، nindex.php?page=showalam&ids=16360وعبد الرزاق، وخلائق.

روى عنه شيخه nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق، ويحيى بن آدم، وأبو الوليد، nindex.php?page=showalam&ids=16349وابن مهدي، - ويزيد بن هارون بن المديني، nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري، nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود، nindex.php?page=showalam&ids=12013وأبو زرعة الرازي، وخلائق.

وروينا عن nindex.php?page=showalam&ids=12352إبراهيم الحربي أنه قال: جمع الله له علم الأولين من كل صنف.

وعن أبي مسهر قال: ما أعلم أحدا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها إلا شابا بالمشرق - يعني: nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل - .

[ ص: 5 ] وعن أبي زرعة قال: ما رأيت من المشايخ أحفظ من nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل، حزرت كتبه اثني عشر جملا وعدلا، كل ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه.

وعنه - أيضا - : ما رأيت أحدا أجمع من nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل، وما رأيت أحدا أكمل منه، اجتمع فيه زهد وثقة وفضل وأشياء كثيرة.

وقال قتيبة: nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إمام الدنيا.

وقال nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رضي الله تعالى عنه - : ما رأيت أعقل من nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي.

وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم: كان nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل بارع الفهم بمعرفة صحيح الحديث وسقيمه.

وقال nindex.php?page=showalam&ids=16207صالح بن أحمد بن حنبل: قال أبي: حججت خمس حجج، ثلاثا منها راجلا، قال: وما رأيت أبي قط اشترى رمانا ولا سفرجلا، ولا شيئا من الفاكهة، إلا أن يشتري بطيخة فيأكلها بخبز، أو عنبا أو تمرا، قال: وكثيرا ما كان يأتدم بالخل.

قال: وربما اشترينا الشيء فنستره عنه; لئلا يوبخنا عليه.

وقال بعضهم: ما رأيت مصليا قط أحسن صلاة من nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، ولا اتباعا للسنن - رضي الله تعالى عنه - .

[ ص: 6 ] وقيل لبشر بن الحارث حين ضرب nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل في المحنة: لو قمت مقامه، تكلمت كما تكلم؟ قال: لا أقوى عليه; إن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد قام مقام الأنبياء.

وقال nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: بلغني أن المتوكل أمر أن يمسح الموضع الذي وقف الناس فيه للصلاة على nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل، فبلغ مقام ألفي ألف وخمس مئة ألف.

قال: وقال الوركاني: أسلم يوم وفاة nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس.

ومناقبه أكثر من أن تحصر، وقد صنف فيها جماعة، والمقصود الإشارة إلى طرف منها تبركا.

ولد - رحمه الله تعالى - في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين ومئة، وتوفي ضحوة يوم الجمعة الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين ومئتين، ودفن ببغداد - رحمه الله تعالى - .

* * *

[ ص: 7 ]

[ ص: 3 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحَمَنِ الرَّحِيمِ

وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

وَبَعْدُ:

فَهَذَا تَعْلِيقٌ لَطِيفٌ عَلَى مُسْنَدِ الْإِمَامِ الْهُمَامِ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مُقْتَصِرٌ عَلَى ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْقَارِئُ وَالْمُدَرِّسُ مِنْ ضَبْطِ اللَّفْظِ، وَإِيضَاحِ الْغَرِيبِ وَالْإِعْرَابِ قَدْرَ مَا يَتَيَسَّرُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - رَزَقَنَا اللَّهُ الْخَتْمَ عَلَى الْإِيمَانِ بَعْدَ التَّوْفِيقِ لِلْإِتْمَامِ، آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ.

وَلْنَبْدَأْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ بِذِكْرِ بَعْضِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ الْمُؤَلِّفِ تَبَرُّكًا بِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ لِشُهْرَتِهِ غَنِيًّا عَنْ ذَلِكَ.

* * *

[ ص: 4 ] nindex.php?page=treesubj&link=33935تَرْجَمَةُ الْإِمَامِ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ

قَالَ النَّوَوِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي "التَّهْذِيبِ": هُوَ الْإِمَامُ الْبَارِعُ الْمُجْمَعُ عَلَى إِمَامَتِهِ وَجَلَالَتِهِ وَوَرَعِهِ وَزُهْدِهِ وَحِفْظِهِ، وَوُفُورِ عِلْمِهِ وَسِيَادَتِهِ، nindex.php?page=showalam&ids=12251أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ الشَّيْبَانِيُّ الْمَرْوَزِيُّ ثُمَّ الْبَغْدَادِيُّ، خَرَجَ مِنْ "مَرْوَ" حَمْلًا، وَوُلِدَ بِبَغْدَادَ، وَنَشَأَ بِهَا إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ بِهَا، وَدَخَلَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَالشَّامَ وَالْيَمَنَ وَالْكُوفَةَ وَالْبَصْرَةَ وَالْجَزِيرَةَ، سَمِعَ nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَابْنَ عُلَيَّةَ، nindex.php?page=showalam&ids=16349وَابْنَ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدَ بْنَ هَارُونَ بْنِ الْمَدِينِيِّ، nindex.php?page=showalam&ids=16360وَعَبْدَ الرَّزَّاقِ، وَخَلَائِقَ.

رَوَى عَنْهُ شَيْخُهُ nindex.php?page=showalam&ids=16360عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ، وَأَبُو الْوَلِيدِ، nindex.php?page=showalam&ids=16349وَابْنُ مَهْدِيٍّ، - وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ الْمَدِينِيِّ، nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ، nindex.php?page=showalam&ids=17080وَمُسْلِمٌ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ، nindex.php?page=showalam&ids=12013وَأَبُو زُرْعَةَ الرَّازِّيُّ، وَخَلَائِقُ.

وَرُوِّينَا عَنْ nindex.php?page=showalam&ids=12352إِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: جَمَعَ اللَّهُ لَهُ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ.

وَعَنْ أَبِي مُسْهِرٍ قَالَ: مَا أَعْلَمُ أَحَدًا يَحْفَظُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمْرَ دِينِهَا إِلَّا شَابًّا بِالْمَشْرِقِ - يَعْنِي: nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - .

[ ص: 5 ] وَعَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: مَا رَأَيْتُ مِنَ الْمَشَايِخِ أَحْفَظَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَزَرْتُ كُتُبَهُ اثْنَيْ عَشَرَ جَمَلًا وَعِدْلًا، كُلُّ ذَلِكَ كَانَ يَحْفَظُهُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ.

وَعَنْهُ - أَيْضًا - : مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَجْمَعَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْمَلَ مِنْهُ، اجْتَمَعَ فِيهِ زُهْدٌ وَثِقَةٌ وَفَضْلٌ وَأَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ.

وَقَالَ قُتَيْبَةُ: nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ إِمَامُ الدُّنْيَا.

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - : مَا رَأَيْتُ أَعْقَلَ مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ الْهَاشِمِيِّ.

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بَارِعَ الْفَهْمِ بِمَعْرِفَةِ صَحِيحِ الْحَدِيثِ وَسَقِيمِهِ.

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=16207صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَالَ أَبِي: حَجَجْتُ خَمْسَ حِجَجٍ، ثَلَاثًا مِنْهَا رَاجِلًا، قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَبِي قَطُّ اشْتَرَى رُمَّانًا وَلَا سَفَرْجَلًا، وَلَا شَيْئًا مِنَ الْفَاكِهَةِ، إِلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِطِّيخَةً فَيَأْكُلَهَا بِخُبْزٍ، أَوْ عِنَبًا أَوْ تَمْرًا، قَالَ: وَكَثِيرًا مَا كَانَ يَأْتَدِمُ بِالْخَلِّ.

قَالَ: وَرُبَّمَا اشْتَرَيْنَا الشَّيْءَ فَنَسْتُرَهُ عَنْهُ; لِئَلَّا يُوَبِّخَنَا عَلَيْهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا رَأَيْتُ مُصَلِّيًا قَطُّ أَحْسَنَ صَلَاةً مِنْ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ، وَلَا اتِّبَاعًا لِلسُّنَنِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - .

[ ص: 6 ] وَقِيلَ لِبِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ حِينَ ضُرِبَ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي الْمِحْنَةِ: لَوْ قُمْتَ مَقَامَهُ، تَكَلَّمْتَ كَمَا تَكَلَّمَ؟ قَالَ: لَا أَقْوَى عَلَيْهِ; إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ قَامَ مَقَامَ الْأَنْبِيَاءِ.

وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11970ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْمُتَوَكِّلَ أَمَرَ أَنْ يُمْسَحَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وَقَفَ النَّاسُ فِيهِ لِلصَّلَاةِ عَلَى nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، فَبَلَغَ مَقَامَ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَخَمْسِ مِئَةِ أَلْفٍ.

قَالَ: وَقَالَ الْوَرْكَانِيُّ: أَسْلَمَ يَوْمَ وَفَاةِ nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عِشْرُونَ أَلْفًا مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ.

وَمَنَاقِبُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَقَدْ صَنَّفَ فِيهَا جَمَاعَةٌ، وَالْمَقْصُودُ الْإِشَارَةُ إِلَى طَرَفٍ مِنْهَا تَبَرُّكًا.

وُلِدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِئَةٍ، وَتُوُفِّيَ ضَحْوَةَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمِئَتَيْنِ، وَدُفِنَ بِبَغْدَادَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - .

* * *

[ ص: 7 ]