الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1699 950 - (1697) - (1 \ 196) عن شهر بن حوشب الأشعري ، عن رابه : رجل من قومه كان خلف على أمه بعد أبيه ، كان شهد طاعون عمواس ، قال : لما اشتعل الوجع ، قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبا ، فقال : أيها الناس ! إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وإن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له منه حظه .

قال : فطعن ، فمات - رحمه الله
- ، واستخلف على الناس معاذ بن جبل ، فقام خطيبا بعده ، فقال : أيها الناس ! إن هذا الوجع رحمة ربكم ، ودعوة نبيكم ، وموت الصالحين قبلكم ، وإن معاذا يسأل الله أن يقسم لآل معاذ منه حظه .

قال : فطعن ابنه عبد الرحمن بن معاذ ، فمات ، ثم قام ، فدعا ربه لنفسه ، فطعن في راحته ، فلقد رأيته ينظر إليها ، ثم يقبل ظهر كفه ، ثم يقول : ما أحب أن لي بما فيك شيئا من الدنيا .

فلما مات ، استخلف على الناس عمرو بن العاص ، فقام فينا خطيبا ، فقال : أيها الناس ! إن هذا الوجع إذا وقع ، فإنما يشتعل اشتعال النار ، فتجبلوا منه في الجبال . قال : فقال له أبو واثلة الهذلي : كذبت ، والله لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنت شر من حماري هذا ! قال : والله ما أرد عليك ما تقول ، وايم الله ! لا نقيم عليه ، ثم خرج ، وخرج الناس ، فتفرقوا عنه ، ودفعه الله عنهم . قال : فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرو ، فوالله ما كرهه .

قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل : أبان بن صالح جد أبي عبد الرحمن مشكدانة .

[ ص: 177 ]

التالي السابق


[ ص: 177 ] * قوله : "رابه " : اسم فاعل من رب - بتشديد الباء - .

* "خلف " : - بتخفيف اللام - ; أي : تزوج أمه .

* قوله : "لما اشتعل " : - بعين مهملة - ; أي : كثر .

* "رحمة ربكم " : أي : سبب لها من حيث إنها شهادة .

* "ودعوة نبيكم " : ظاهره أنه دعا بأن يجعل لأمته نصيبا منه .

* "وموت الصالحين " : أي : سبب لموتهم .

* "فتجبلوا منه " : من أجبل : إذا صار إلى الجبل ، ودخل فيه ، وهو مجزوم بتقدير اللام ; أي : لتجبلوا ، أو هو مضارع وحذف النون تخفيفا ، وهو كثير ، والخبر في موضع الأمر ، وأما جعله من التجبل ، فلا تساعده اللغة .

* "أنت شر من حماري " : أي : كافر ، والجملة حال ، والمقصود بيان قدم صحبته .

* "قال : والله لا أرد " : أي : قال عمرو لأبي واثلة .

* "مشكدانة " : - بضم ميم وكاف وإسكان معجمة بينهما - : هو عبد الله بن عمر بن أبان ، وكنيته أبو عبد الرحمن .

* * *




الخدمات العلمية