الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) تقدم ( المقاصد الضرورية ) الخمسة ( على غيرها ) من المقاصد ( ومكملها ) أي مكمل الخمسة الضرورية ( على الحاجية ) ( وهي ) أي : وتقدم المصلحة الحاجية ( على التحسينية ، و ) يقدم ( حفظ الدين على باقي الضرورية ) قال في شرح التحرير : وإذا تعارضت بعض الخمس الضرورية : قدمت الدينية على الأربع الأخر ، لأنها المقصود الأعظم . قال الله سبحانه وتعالى { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } ولأن ثمرته نيل السعادة الأخروية ; لأنها أكمل الثمرات ، وقيل : تقدم الأربع الأخر على الدينية ; لأنها حق آدمي ، وهو يتضرر . والدينية حق لله سبحانه وتعالى ، وهو لا يتضرر به ، ولذلك قدم قتل القصاص على قتل الردة عند الاجتماع ، ومصلحة النفس في تخفيف الصلاة عن مريض ، ومسافر ، وأداء صوم ، وإنجاء غريق ، وحفظ المال بترك جمعة ، وبقاء الذمي مع كفره .

ورد ذلك بأن القتل إنما قدم : لأن فيه حقين . ولا يفوت حق الله سبحانه وتعالى بالعقوبة البدنية في الآخرة ، وفي التخفيف عنهما ، تقديم على فروع الدين لا أصوله ، ثم هو قائم مقامه فلم يختلف المقصود ، وكذا غيرهما . وبقاء الذمي من مصلحة الدين لاطلاعه على محاسن الشريعة . فيسهل انقياده . كما في صلح الحديبية ، وتسميته فتحا مبينا . قال في شرح التحرير قلت : ونظير القتل بالقود أو الردة إذا مات من عليه زكاة ودين لآدمي ، فقيل : تقدم الزكاة ; لأنها حق الله تعالى اختاره القاضي في المجرد وصاحب المستوعب [ ص: 662 ] وعنه يقدم دين الآدمي .

والمشهور في المذهب : أنهم يقتسمون بالحصص ، ونص عليه أحمد ، وعليه أكثر أصحابه ، وكذا لو مات ، وعليه حج ، ودين ، وضاق ماله عنهما . أخذ للدين بحصته وحج به من حيث يبلغ ، نص عليه أحمد ، وعليه الأصحاب ، وعنه يقدم الدين لتأكده ، ولم يحكوا هنا في الأصول : القول بالتساوي ، ولعلهم حكوه ولم نره . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية