الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) من شروطها أيضا ( أن يكون دليلها شرعيا ) وذلك ; لأن دليلها لو كان غير شرعي للزم أن لا يكون القياس شرعيا ( و ) من شروطها أيضا ( أن لا يعم دليلها حكم الفرع ) يعني أن لا يكون دليل العلة شاملا لحكم الفرع ( بعمومه ) كقياس التفاح على البر بجامع الطعم ، فيقال : العلة دليلها حديث { الطعام بالطعام ، مثلا بمثل } رواه مسلم ( أو بخصوصه ) كقوله صلى الله عليه وسلم { من قاء أو رعف فليتوضأ } وإن كان الحديث ضعيفا ، لكن يذكر للتمثيل ، فلو قيل في القيء : خارج من غير السبيلين ، فينقض كالخارج منهما . ثم [ ص: 503 ] استدل على أن الخارج منهما ينقض بهذا الحديث : لم يصح ; لأنه تطويل بلا فائدة ، بل في الثاني - مع كونه تطويلا - رجوع عن القياس ; لأن الحكم حينئذ يثبت بدليل العلة ، لا بنفس العلة ، فلم يثبت الحكم بالقياس .

قال العضد : لنا أنه يمكن إثبات الفرع بالنص ، كما يمكن إثبات الأصل به . فالعدول عنه إلى إثبات الأصل ، ثم العلة ، ثم بيان وجودها في الفرع ، ثم بيان ثبوت الحكم بها : تطويل بلا فائدة . وأيضا فإنه رجوع من القياس إلى النص ( وأن تتعين ) يعني أن من شروط العلة أيضا : أن تكون معينة لا مبهمة ، بمعنى شائعة ، خلافا لمن اكتفى بذلك ، متعلقا بقول عمر رضي الله عنه " اعرف الأشباه والنظائر ، وقس الأمور برأيك " فيكفي عندهم كون الشيء مشبها للشيء شبها ما . قال الهندي : لكن أطبق الجماهير على فساده ; لأنه يفضي إلى أن العامي والمجتهد سواء في إثبات الأحكام الشرعية في الحوادث ، إذ ما من عامي إلا وعنده معرفة بأن هذا النوع أصل من الأصول عام في أحكام كثيرة .

وأجمع السلف على أنه لا بد في الإلحاق من الاشتراك بوصف خاص ، فإنهم كانوا يتوقفون في الحوادث لا يلحقونها بأي وصف كان بعد عجزهم عن إلحاقها بما يشاركها في وصف خاص ، أما التعليل بأحد أمرين أو ثلاثة ونحو ذلك من المحصور : فلا يمتنع كما لو مس الرجل من الخنثى فرج الرجل أو المرأة من الخنثى فرج النساء بشهوة ، فإنه ينتقض وضوء الماسين ; لأنه إما مس فرج أو مس لشهوة .

التالي السابق


الخدمات العلمية