أي من تصح توليته للقضاء ( مسلم ) لانتفاء أهلية الكافر للولاية ، ونصبه على مثله مجرد رياسة لا تقليد حكم وقضاء ، ومن ثم لم يلزموه بالتحاكم عنده ولا يلزمهم حكمه إلا إن رضوا به ( مكلف ) لنقص غيره ، واشتراط وشرط القاضي ) الماوردي زيادة عقل اكتسابي على العقل الغريزي مخالف لكلامهم ( حر ) كله لنقص غيره بسائر أقسامه ( ذكر ) فلا تولى امرأة لنقصها ولاحتياج القاضي لمخالطة الرجال وهي مأمورة بالتخدر ، والخنثى في ذلك كالمرأة ، ولخبر وغيره { البخاري } ( عدل ) فلا يتولى فاسق لعدم الوثوق بقوله ومثله نافي الإجماع أو خبر الآحاد أو الاجتهاد . ومحجور عليه بسفه ( سميع ) فلا يتولى أصم لا يسمع شيئا لأنه لا يفرق بين إقرار وإنكار ، بخلاف من يسمع بالصياح ( بصير ) لأن الأعمى لا يعرف الطالب من المطلوب ، وفي معنى الأعمى : من يرى الأشباح ولا يعرف الصور ، نعم لو كانت إذا قربت منه عرفها صح ، فلو كان يبصر نهارا فقط جازت توليته أو ليلا فقط . لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
قال الأذرعي ينبغي منعه ( ناطق ) فلا يصح من الأخرس وإن فهمت إشارته لعجزه عن تنفيذ الأحكام ( كاف ) أي ناهض للقيام بأمر القضاء بأن يكون ذا يقظة تامة وقوة على تنفيذ الحق فلا يولى مغفل ومختل نظر بكبر أو مرض ( مجتهد ) فلا يتولى جاهل بالأحكام الشرعية .
ولا مقلد ، وهو من حفظ مذهب إمامه لكنه غير عارف بغوامضه وقاصر عن تقرير أدلته لأنه لا يصلح للفتوى فالقضاء أولى .
وما قيل من أنه كان ينبغي أن يقول إسلام إلخ أو كونه مسلما كذلك لأن الشرط المعنى المصدري لا الشخص نفسه رد بوضوح أن المراد بتلك الصيغ ما أشعرت به من الوصفية كما هو واضح ، وأفهم كلامه عدم اشتراط كونه كاتبا [ ص: 239 ] أو عارفا بالحساب المحتاج إليه في تصحيح المسائل الحسابية ، لكن صحح في المجموع اشتراطه في المفتي فالقاضي أولى لأنه مفت وزيادة ، ولا يشترط معرفته بلغة أهل ولايته : أي حيث كان ثم عدل يعرفه بلغتهم ويعرفهم بلغته كما هو ظاهر ، وقياس ما مر في العقود أن المدار في هذه الأمور على ما في نفس الأمر لا على ما في ظن المكلف ، فلو ولي من لا يعلم فيه هذه الشروط فتبين اجتماعها فيه صحت توليته ، وللمولي إن لم يعلم أن يعتمد في الصالح على شهادة عدلين عارفين بما ذكر .
ويندب له اختباره ليزداد فيه بصيرة ( وهو ) أي المجتهد ( أن يعرف من القرآن والسنة ما يتعلق بالأحكام ) ولو لم يحفظ ذلك عن ظهر قلب ، ولا ينحصر ذلك في خمسمائة آية ولا خمسمائة حديث للاستنباط في الأول من القصص والمواعظ وغيرهما أيضا ولأن المشاهدة قاضية ببطلانه في الثاني ، فإن أراد القائل بالحصر في ذلك بالنسبة للأحاديث الصحيحة السالمة من الطعن في سند أو نحوه أو الأحكام الخفية الاجتهادية كان له نوع قرب ، على أن قول ابن الجوزي إنها ثلاثة آلاف ونحوه مردود بأن غالب الأحاديث لا تكاد تخلو عن حكم أو أدب شرعي أو سياسة دينية ، ويكفي اعتماده فيها على أصل مصحح عنده يجمع غالب أحاديث الأحكام كسنن أبي داود : أي مع معرفة اصطلاحه ، وما للناس فيه من نقد ورد ( وخاصه ) مطلقا أو الذي أريد به الخصوص ( وعامه ) راجع لما مطلقا أو الذي أريد به العموم ومطلقه ومقيده ( ومجمله ومبينه وناسخه ومنسوخه ) والنص والظاهر والمحكم ( ومتواتر السنة وغيره ) وهو آحادها لعدم التمكن من الترجيح عند تعارضها إلا بمعرفة ذلك .
( و ) الحديث ( المتصل ) باتصال رواته إلى الصحابي فقط ، ويسمى الموقوف أو إليه صلى الله عليه وسلم ، ويسمى المرفوع ( والمرسل ) وهو ما سقط فيه الصحابي ، ويصح أن يراد به ما يشمل المنقطع والمعضل بدليل مقابلته بالمتصل ( وحال الرواة قوة وضعفا ) لأنه يتوصل بذلك إلى تقرير الأحكام ، نعم ما تواتر نقله وأجمع السلف على قبوله لا يبحث عن عدالة ناقليه وله الاكتفاء بتعديل إمام عرف صحة مذهبه في الجرح والتعديل ( ولسان العرب لغة ونحوا ) وصرفا وبلاغة لأنه لا بد منها في فهم الكتاب والسنة ( وأقوال العلماء من الصحابة ) فمن بعدهم اجتماعا واختلافا لا في كل مسألة بل في المسألة التي يريد النظر فيها بأن يعلم أن قوله فيها لا يخالف إجماعا ولو بأن يغلب على ظنه أنها مولدة لم يتكلم فيها الأولون ، وكذا يقال في معرفة الناسخ والمنسوخ ( والقياس بأنواعه ) من جلي ، وهو ما يقطع فيه بنفي الفارق كقياس ضرب الأصل على التأفيف أو مساو ، وهو ما يبعد فيه انتفاء الفارق كقياس إحراق مال [ ص: 240 ] اليتيم على أكله أو دون ، وهو ما لا يبعد فيه ذلك كقياس التفاح على البر بجامع الطعم صحة وفسادا وجلاء وخفاء وطرق استخراج العلل والاستنباط ، ولا يشترط نهايته في كل ما ذكر ، بل يكفي الدرجة الوسطى في ذلك مع الاعتقاد الجازم وإن لم يحسن قوانين علم الكلام المدونة الآن ، واجتماع ذلك كله إنما هو شرط للمجتهد المطلق الذي يفتي في جميع أبواب الفقه .
أما مقلد لا يعدو مذهب إمام خاص فليس عليه غير معرفة قواعد إمامه ، وليراع فيها ما يراعيه المطلق في قوانين الشرع فإنه مع المجتهد كالمجتهد في نصوص الشرع ، ومن ثم لم يكن له العدول عن نص إمامه كما لا يجوز له الاجتهاد مع النص ( فإن تعذر جمع هذه الشروط ) أو لم يتعذر كما هو ظاهر مما يأتي فذكر التعذر تصوير لا غير ( فولى سلطان ) أو من ( له شوكة ) بأن يكون بناحية انقطع غوث السلطان عنها ولم يرجعوا إلا إليه .
وظاهر كلامه عدم استلزام السلطنة للشوكة ، فلو زالت شوكة السلطان بنحو أسر وحبس ولم يخلع نفذت أحكامه حيث لم يفعلوا ولم يوجد مقتض للخلع وإلا اتجه عدم تنفيذها ( فاسقا أو مقلدا ) ولو جاهلا ( نفذ قضاؤه ) المرافق لمذهبه المعتد به وإن زاد فسقه ( للضرورة ) لئلا يتعطل مصالح الناس ، ولو فيما يضبطه نفذ قضاؤه للضرورة كما أفتى به ابتلي الناس بولاية امرأة أو قن أو أعمى الوالد رحمه الله تعالى ، وألحق ابن عبد السلام الصبي بالمرأة ونحوها لا كافر ، ويجب عليه رعاية الأمثل فالأمثل رعاية لمصلحة المسلمين ، وما ذكر في المقلد محله إن كان ثم مجتهد وإلا نفذت تولية المقلد ولو من غير ذي الشوكة ، وكذا الفاسق ، فإن كان هناك عدل اشترطت شوكة وإلا فلا .
ومعلوم أنه يشترط في غير الأهل معرفة طرف من الأحكام ، وبحث البلقيني انعزال من ولاه ذو الشوكة بزوال شوكته لزوال المقتضي لنفوذ قضائه : أي بخلاف مقلد أو فاسق مع فقد المجتهد والعدل فلا تزول ولايته بذلك لعدم توقفها على الشوكة كما مر ، ويلزم قاضي الضرورة بيان مستنده في سائر أحكامه كما أفتى بذلك الوالد رحمه الله ، ولا يقبل قوله حكمت بكذا من غير بيان مستنده فيه وكأنه لضعف ولايته [ ص: 241 ] وألحق بعضهم به المحكم ، ويجوز ، ولو تخصيص الرجال بقاض والنساء بآخر قدم الأول عند جمع والثاني عند آخرين ، ويظهر كما قاله بعضهم أن فسق العالم إن كان لحق الله تعالى فهو أولى ، أو بالظلم والرشوة فالعدل أولى ويراجع العلماء . تعارض فقيه فاسق وعامي عدل