فصل في صفة الكفارة
وهي مخيرة ابتداء مرتبة انتهاء كما يعلم مما يأتي ( بين عتق كالظهار ) أي إعتاق عن كفارته وهو إعتاق رقبة مؤمنة بلا عيب يخل بالعمل والكسب كما مر ولو نحو غائب علمت حياته أو بانت كما مر ، وهو أفضلها وإن كان زمن غلاء خلافا ( يتخير ) المكفر الحر الرشيد ولو كافرا ( في كفارة اليمين ) لابن عبد السلام ( وإطعام عشرة مساكين كل مسكين مد حب ) أو غيره مما يجزي في الفطرة فيعتبر ( من غالب قوت بلده ) أي المكفر ، فلو أذن الأجنبي [ ص: 183 ] في أن يكفر عنه اعتبرت بلد المأذون له لا الآذن فيما يظهر ، ولا ينافيه أن قياس ما في الفطرة اعتبار بلد المكفر عنه لأن تلك طهارة للبدن فاعتبر بلده ولا كذلك هذا .
هكذا قيل .
والأوجه اعتبار بلد الآذن كالفطرة ، وأفهم كلامه عدم جواز صرف أقل من مد لكل واحد ولا لدون عشرة ولو في عشرة أيام ( أو كسوتهم بما يسمى كسوة ) مما يعتاد لبسه بأن يعطيهم ذلك على جهة التمليك وإن فاوت بينهم في الكسوة ( كقميص ) ولو بلا كم ( أو عمامة ) وإن قلت أخذا من أجزاء منديل اليد ( أو إزار ) أو مقنعة أو رداء أو منديل يحمل في يد أو كم لقوله تعالى { فكفارته إطعام عشرة مساكين } الآية ( لا ) ما لا يسمى كسوة ولا ما يعتاد كالجلود ، فإن أعتيد أجزأت فمن الأول نحو ( خف وقفازين ) ودرع من نحو حديد ونعل ومداس وجورب وقلنسوة وقبع وطاقية وعرقية ، وقول الشيخ في شرح منهجه بإجزائها محمول على شيء آخر يجعل فوق رأس النساء ، يقال له عرقية أو على ما يجعل على الدابة تحت السرج ونحوه ( ومنطقة ) وتكة وفصادية وخاتم وتبان لا يصل للركبة وبساط وهميان وثوب طويل أعطاه للعشرة قبل تقطيعه بينهم لأنه ثوب واحد ، وبه فارق ما لو وضع لهم عشرة أمداد وقال ملكتكم هذا بالسوية أو أطلق لأنها أمداد مجتمعة ، وأفهم التخيير امتناع التبعيض كأن يطعم خمسة ويكسو خمسة ( ولا يشترط ) كونه مخيطا ولا ساترا للعورة ولا ( صلاحيته للمدفوع إليه فيجوز سراويل ) ونحو قميص ( صغير ) أي دفعه ( لكبير لا يصلح له وقطن وكتان وحرير ) وصوف ونحوها ( لامرأة ورجل ) لوقوع اسم الكسوة على الكل ولو متنجسا ، لكن يلزمه إعلامهم به لئلا يصلوا فيه .
وقضيته أن كل من أعطى غيره ملكا أو عارية مثلا ثوبا مثلا به نجس خفي غير معفو عنه بالنسبة لاعتقاد الآخذ عليه إعلامه به حذرا من أن يوقعه في صلاة فاسدة ، ويؤيده قولهم : من : أي عنده لزمه إعلامه به ، وفارق التبان السراويل الصغير بأن التبان لا يصلح ولا يعد ساتر عورة صغير فضلا عن غيره ، فإن فرض أنه يعد لستر عورة صغير فهو السراويل الصغير ( ولبيس ) وإن كثر لبسه و ( لم تذهب ) عرفا ( قوته ) باللبس ، بخلاف ما ذهبت قوته كالمهلهل النسج الذي لا يقوى على الاستعمال ولو جديدا ومرقع ومنسوج من جلد ميتة وإن كان معتادا كما لا يخفى ( فإن عجز ) بالطريق السابق في كفارة الظهار ( عن ) كل من ( الثلاثة ) المذكورة ( لزمه صوم ثلاثة أيام ) للآية ( ولا يجب تتابعها في الأظهر ) لإطلاق الدليل ، [ ص: 184 ] والثاني يجب لقراءة رأى مصليا به نجس غير معفو عنه ابن مسعود متتابعات والقراءة الشاذة كخبر الآحاد في وجوب العمل بها ، وأجاب الأول بأنها نسخت حكما وتلاوة ( وإن غاب ماله انتظره ولم يصم ) لأنه واجد وإنما أبيح الصوم لمن لم يجد بخلاف المتمتع إذا أعسر بالدم وأبي بن كعب بمكة فإنه يجزيه الصوم لأن القدرة اعتبرت بمكة لأنها محل نسكه الموجب للدم فلا ينظر إلى غيرها ، ولا كذلك الكفارات تعتبر فيها مطلقا ، أي وإن غاب ماله فوق مسافة القصر خلافا لبعض المتأخرين لوجوبها على التراخي أصالة .