الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - الثانية : لا حكم فيما لا يقضي العقل فيه بحسن ولا قبح .

            [ ص: 317 ] وثالثها : لهم الوقف عن الحظر والإباحة . وأما غيرها - فانقسم عندهم إلى الخمسة .

            التالي السابق


            ش - المسألة الثانية : في حكم الأشياء قبل الشرع . مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري رحمه الله وأتباعه أن أفعال العقلاء قبل الشرع لا حكم لها ; ضرورة بطلان الحسن والقبح العقليين وعدم الشرع .

            وأما المعتزلة ، فقالوا : الأفعال إما أن تكون اضطرارية ، كالنفس في الهواء ونحوه ، أو لا . والأولى : لا بد من القطع بكونها مباحة .

            والثانية : إما أن لا يقضي العقل فيها بحسن ولا قبح ، أي لا يهتدي العقل إلى حسنها أو قبحها ، أو يقضي فيها بحسن أو قبح .

            والأولى : اختلفوا فيها على ثلاثة مذاهب : الأول : الحظر ، وهو مذهب البغدادية من المعتزلة . والثاني : الإباحة ، وهو مذهب معتزلة البصرة . [ ص: 318 ] و " ثالثها " أي ثالث المذاهب " لهم " أي للمعتزلة : التوقف عن الحظر والإباحة .

            وأفاد بقوله : " لهم " : أن هذا الاختلاف فيما بين المعتزلة القائلين بوجود الحكم . لا فيما بين الأشاعرة ; لأن مذهبهم ، أن لا حكم للأفعال قبل الشرع مطلقا .

            ولما نبه " بالثالث " على مذهب التوقف عن الحظر والإباحة ، علم أن أحد الأولين : الحظر ، والآخر : الإباحة .

            والثانية : وهي التي يقضي العقل فيها بحسن أو قبح فعندهم ينقسم إلى الأقسام الخمسة . لأن قضاء العقل فيها إما بالحسن أو بالقبح . والأول : إما أن لا يترجح وجوده على تركه ، وهو المباح .

            أو يترجح وجوده على تركه ، وحينئذ إما أن يلحق تاركه الذم ، وهو الواجب أو لا ، وهو المندوب .

            والثاني ، وهو الذي قضاء العقل فيه بالقبح : إما أن يلحق فاعله ذم ، وهو الحرام ، أو لا ، وهو المكروه .

            وأفاد بقوله : " عندهم " أن تحقق هذه الأقسام الخمسة قبل الشرع على رأي المعتزلة . وأما على رأي الأشاعرة فلا . فعلم من سياق كلامه أن مذهب الأشاعرة أن لا حكم قبل الشرع للأفعال مطلقا ، وإن لم يصرح به .

            [ ص: 319 ]



            الخدمات العلمية