الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - الأولى : شكر المنعم ليس [ بواجب ] عقلا ; لأنه لو وجب - لوجب لفائدة ، وإلا كان عبثا ، وهو قبيح .

            ولا فائدة لله تعالى لتعاليه عنها . [ ص: 314 ] ولا للعبد في الدنيا ; لأنه مشقة ، ولا حظ للنفس فيه . ولا في الآخرة ; إذ لا مجال للعقل في ذلك .

            التالي السابق


            ش - المسألة الأولى : في أن شكر المنعم ليس بواجب عقلا . وشكر المنعم عبارة عن استعمال جميع ما أنعم الله به على العبد من القوى والأعضاء ، ظاهرة وباطنة مدركة ومحركة ، فيما خلق الله سبحانه وتعالى لأجله ، كاستعمال النظر في مشاهدة مصنوعاته وآثار رحمته ليستدل على صانعها .

            وتوجيه الدليل أن يقال : لو وجب شكر المنعم عقلا ، لوجب لفائدة . والتالي باطل فالمقدم مثله . أما الملازمة فلأنه لو وجب لا لفائدة لكان عبثا ، وهو قبيح عقلا .

            وأما بيان انتفاء التالي فلأنه لو كان لفائدة لكانت تلك الفائدة إما للمشكور ، وهو باطل لتعاليه عن الفائدة .

            أو للعبد في الدنيا وهو باطل ; لأن الشكر الذي هو القيام باستعمال جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى والأعضاء فيما خلق الله لأجله ، مشقة عظيمة ، ولا حظ للنفس فيه .

            أو في الآخرة ، وهو باطل ; إذ لا مجال للعقل في ذلك ، أي لا جزم للعقل في حصول الفائدة الأخروية ; لأن الجزم بحصول الفائدة [ ص: 315 ] الأخروية للعقل إنما يكون إذا جزم العقل لحصول الثواب أو دفع العقاب على الإتيان بالشكر ، وهو ممنوع ; لاحتمال العقاب على الشكر .




            الخدمات العلمية