( و ) ( دفع ) للصانع ( قيمة الصبغ ) بكسر الصاد مع عمله إذ المراد أجرة المثل ( بيمين ) من ربه أنه ما استصنعه ( إن زادت دعوى الصانع عليها ) أي على قيمة الصبغ ، وإلا أخذه بلا يمين ودفع للصانع ما ادعاه فاليمين لإسقاط ما زاد على دعوى الصانع ( وإن اختار ) ربه ( تضمينه ) قيمة الثوب ( فإن دفع الصانع قيمته أبيض ) يوم الحكم على الأظهر ( فلا يمين ) على واحد منهما ( وإلا ) بأن امتنع من دفعها ( حلفا ) [ ص: 57 ] وبدأ الصانع أنه استصنعه وقيل يبدأ ربه أنه ما استصنعه ( واشتركا ) إن حلفا كأن نكلا هذا بقيمة ثوبه أبيض ، وهذا بقيمة صبغه وقضى للحالف على الناكل ( لا إن تخالفا ) بالخاء المعجمة ( في لت ) أي خلط ( السويق ) الصانع ( إن ادعاه ) أي الاستصناع المفهوم من استصنع ( وقال ) ربه ( سرق مني ، وأراد ) ربه ( أخذه ) فلا يحلفان ، ولا يشتركان بل يقال لربه ادفع له قيمة ما قال فإن دفع فظاهر ( و ) إن ( أبى من دفع ما قال اللات فمثل سويقه ) غير ملتوت يدفعه الصانع له لوجود المثل في ذلك بخلاف الثوب ; لأنه مقوم ، وإن شاء دفعه له ملتوتا مجانا عند فقال اللاتي أمرتني أن ألته بخمسة أرطال من سمن مثلا وقال ربه ما أمرتك بشيء أصلا بل سرق مني أو غصب ابن القاسم وقال غيره يتعين المثل لئلا يؤدي إلى بيع طعام بطعام ، وهو ظاهر المصنف والراجح ما لابن القاسم وحمل بعضهم كلام ابن القاسم على ما إذا رضي بأخذه ملتوتا فإن لم يرض تعين دفع المثل فبينهما وفاق .
ولو قال المصنف لا إن تخالفا في استصناع مثلي ليشمل الملتوت وغيره كطحن قمح وعصر زيتون ونحو ذلك كان أنسب ثم ذكر ثلاث مسائل في اختلاف الجمال والمكتري الأولى في قبض الأجرة وعدمه . الثانية في المسافة فقط . الثالثة فيهما وبدأ بالأولى فقال ( و ) القول ( له ) أي للأجير المتقدم ذكره ( وللجمال ) ونحوه أي رب الدابة ( بيمين ) من كل ( في عدم قبض الأجرة ، وإن بلغا الغاية ) زمانية أو مكانية أي التي تعاقدا إليها أي إلا لعرف بتعجيلها أو كانت معينة ودعواه تؤدي للفساد ودعوى المكتري للصحة قياسا على ما مر في البيع في قوله ، وفي قبض الثمن أو السلعة فالأصل بقاؤهما إلا لعرف إلخ ( إلا لطول ) بعد تسليم الجمال الأمتعة لربها ( ف ) القول ( لمكتريه بيمين ) لا قبل تسليمها فالقول للجمال ، ولو طال ويعتبر الطول بالعرف وقيل ما زاد على اليومين بعد تسليم الأحمال لربها الذي هو المكتري .
ثم ذكر اختلافهما في المسافة فقط بقوله ( وإن ) بأن ( قال ) الجمال ( بمائة اختلفا في المسافة واتفقا على قدر الأجرة لبرقة وقال ) المكتري ( بل ) بها ( لإفريقية ) تخفيف الياء أكثر من تشديدها وهي متى أطلقت في المدونة [ ص: 58 ] فالمراد مدينة القيروان أي المدينة المعلومة ، وهي أبعد من برقة ، ولم يذكر المبدأ لاتفاقهما عليه كمصر ( حلفا ) وبدأ الجمال ; لأنه بائع ( وفسخ ) بالحكم أو التراضي ( إن عدم السير ) من أصله ( أو قل ) بحيث لا ضرر على الجمال في رجوعه ، ولا على رب الأحمال في طرحها ( وإن نقد ) مبالغة في التخالف والفسخ ، ولا ينظر في هذه لشبه ، ولا عدمه بدليل إطلاقه هنا وتفصيله في الآتية ( وإلا ) بأن كان اختلافهما بعد سير كثير أو بلوغ الغاية على دعوى الجمال ( فكفوت المبيع ) فيكون القول للمكتري إن أشبه فقط وحلف ، ولزم الجمال ما قال نقد الكراء أم لا إلا أن يحلف الجمال على ما ادعاه فيكون له حصة مسافة برقة على دعوى المكتري ، ويفسخ الباقي .
والمصنف ، وإن شمل بمقتضى التشبيه شبههما معا إلا أنه ليس بمراد لما يأتي قريبا فالتشبيه غير تام ; لأن المبيع إذا فات فالقول للمشتري إن أشبه سواء أشبه البائع أم لا ، وليس المكتري كذلك ، وأشار إلى ما إذا أشبه المكري فقط بقوله ( وللمكري ) ، وهو الجمال إذا اختلفا ( في المسافة فقط ) بأن قال لبرقة وقال المكتري بل لإفريقية ( إن أشبه قوله : فقط ) دون المكتري انتقد أم لا ( أو أشبها ) معا ( وانتقد ) المكري الكراء لترجيح جانبه بالنقد ( وإن لم ينتقد حلف المكتري ) على ما ادعاه ( ولزم الجمال ما قال ) المكتري من بقية المسافة ( إلا أن يحلف ) الجمال أيضا ( على ما ادعى ) بعد حلف المكتري ( فله ) أي الجمال ( حصة المسافة ) التي ادعاها ، وهي برقة القريبة ( على دعوى المكتري ) أن المائة لإفريقية ( وفسخ الباقي ) بعد برقة فيقال ما تساوي حصة برقة من ابتداء السير إلى إفريقية بالمائة فإن قيل النصف مثلا أعطي للجمال ( وإن لم يشبها ) والموضوع بحاله بعد السير الكثير أو بلوغ برقة ( حلفا ، وفسخ بكراء المثل فيما مشى ) ونكولهما كحلفهما وقضي للحالف على الناكل .
وأشار للمسألة الثالثة ، وهي اختلافهما في المسافة والأجرة معا بقوله ( وإن ) للمدينة بمائة وبلغاها ) أو سارا كثيرا ، وإن لم يبلغاها ( وقال ) المكتري ( بل لمكة ) الأبعد ( بأقل ) كخمسين ( فإن نقده ) المكتري الأقل ( فالقول للجمال فيما يشبه ) أي مع شبه المكتري أيضا كما قيدها به ( قال ) الجمال للمكتري ( أكريتك ابن يونس وأبو الحسن ويدل له ذكره بعد ذلك شبه الجمال وحده وقوله : ( وحلفا ) أي يحلف كل منهما على طبق دعواه وعمل بقول الجمال حينئذ لترجيح جانبه بالنقد [ ص: 59 ] والشبه فيحلف لإسقاط زائد المسافة ويحلف المكتري لإسقاط الخمسين عنه ( وفسخ ) العقد ، ولا يتوقف الفسخ على حلف المكتري ; لأن حلفه لإسقاط الخمسين عنه ( وإن لم ينقد ) الجمال شيئا وقد أشبها معا ( فللجمال ) القول ( في المسافة ) القريبة ( و ) القول ( للمكتري في حصتها ) أي المدينة ( مما ذكر ) من الكراء ، وهو كونه بخمسين ، ولا يقبل قوله : أنه لمكة ( بعد يمينهما ) على ما ادعياه ( وإن أشبه قول المكري فقط فالقول له بيمين ) نقد أم لا فيأخذ المائة ، ولا يلزمه السير إلى مكة ، وإن أشبه المكتري فقط فحكمه حكم ما إذا أشبها ، ولم ينقد أي القول للجمال في المسافة وللمكتري في حصتها مما ذكر ، وإن لم يشبه واحد منهما حلفا ، وفسخ ، وله كراء المثل فيما مشى ( وإن أقاما ) أي أقام كل واحد منهما ( بينة ) على ما ادعاه ( قضي بأعدلهما ، وإلا سقطتا ) ويقضي بذات التاريخ وبقدمه .