الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ثم أشار إلى ثلاث مسائل العتق بالقرابة والعتق معسرا والعتق معسرا ورتبها هكذا فقال ( وعتق بنفس الملك ) أي بذات الملك والإضافة للبيان أي بالملك أي بمجرد الملك من غير توقف على حكم ( الأبوان ) نسبا لا رضاعا ( وإن علوا والولد ) نسبا ( وإن سفل ) مثلث الفاء ( كبنت ) بكاف التمثيل وفي نسخة باللام أي وإن سفل حال كونه لبنت وهي أولى للنص على المتوهم ( و ) عتق بالملك ( أخ وأخت ) نسبا ( مطلقا ) شقيقين أو لأب أو أم وضابط ما ذكره المصنف أنه يعتق بالملك الأصول والفروع والحاشية القريبة ومحل العتق في الجميع إن كان المالك رشيدا وكان هو والرقيق مسلمين أو أحدهما لا كافرين إذ لا نتعرض لهما إلا إذا ترافعا إلينا وحصول الملك مطلقا ( وإن ) حصل ( بهبة أو صدقة أو وصية ) فيعتق ولا يباع في دين على المالك ( إن علم المعطي ) بالكسر أنه يعتق على المعطى بالفتح ولا يكفي العلم بالقرابة [ ص: 367 ] هنا على المعتمد بخلاف باب القراض والوكالة والصداق فيكفي العلم بالقرابة فيها كما مر ، وإن لم يعلم بالعتق والفرق المعاوضة فيها بخلاف ما هنا ( ولو لم يقبل ) المعطى بالفتح ( وولاؤه له ) أي للمعطى بالفتح ولو لم يقبل فالأولى تأخيره هنا ليرجع لكل من العتق والولاء مع علم المعطي بالكسر ومفهوم الشرط أنه إذا لم يعلم المعطي بالكسر بأنه يعتق ، فإن قبل المعطى بالفتح عتق عليه إن لم يكن عليه دين وإلا بيع فيه ، وإن لم يقبل لم يعتق ولم يبع في دين عليه لعدم دخوله في ملكه وهو ظاهر إلا أن النقل أنه إذا لم يكن عليه دين عتق عليه مطلقا قبل أو لم يقبل علم المعطي أو لم يعلم ولو أعطاه جزء قريبه عتق ذلك الجزء ( ولا يكمل ) عليه العتق ( في ) إعطاء ( جزء ) من قريبه ( لم يقبله كبير ) رشيد ولا عبرة بقبول صغير أو سفيه بل يقتصر على عتق الجزء المعطى ، فإن قبله الكبير الرشيد قوم عليه باقيه وعتق الكل أو قبله ( ولي صغير ) أو سفيه فلا يكمل ( أو لم يقبله ) الولي إذ لا يلزمه القبول لمحجوره والجزء المعطى حر على ما تقدم ( لا ) إن ملك من يعتق عليه كله أو بعضه ( بإرث أو شراء وعليه دين ) أي والحال أن عليه دينا ( فيباع ) في الدين ولا يعتق ولو علم بائعه أنه يعتق على المشتري إذ لا يستقر في ملكه وهو مدين حتى يعتق عليه ، فإن لم يكن عليه دين عتق بنفس الملك وقوله لا بإرث عطف على بهبة وفيه إشارة لتقييد ما قبل المبالغة أي الشراء والإرث بعدم الدين

التالي السابق


( قوله : بكاف التمثيل ) أي وحينئذ فالولد شامل للذكر والأنثى ويصح جعل الكاف للتشبيه وعلى هذا فيكون الولد خاصا بالذكر لتشبيه البنت به والمعنى والولد الذكر ، وإن سفل ولده كبنت ، وإن سفل ولدها ( قوله : للنص على المتوهم ) أي ويصح جعل قوله لبنت على نسخة اللام مبالغة ثانية أي والولد ، وإن سفل هذا إذا كان الولد السافل لابن بل وإن كان لبنت ( قوله والحاشية القريبة ) أي لا عماته وخالاته إلا أن يولد محرما جاهلا فينجز عليه عتقها ; لأن القاعدة أن كل أم ولد حرم وطؤها نجز عتقها ; لأن يسير الخدمة لغو كما في خش عند قول المصنف في باب النكاح وملك أب جارية ابنه بتلذذه بالقيمة ( قوله : إن كان المالك رشيدا ) فيه نظر بل لا فرق بين الرشيد وغيره في العتق بالقرابة وسيقول المصنف أو قبله ولي صغير أو لم يقبله انظر بن ( قوله : وإن حصل بهبة إلخ ) أي هذا إذا حصل الملك بميراث أو بمعارضة كالبيع بل وإن حصل بغيرهما كهبة أو صدقة أو وصية ولا يشترط في البيع أن يكون صحيحا بل يعتق بالفاسد ويكون فوتا وفيه القيمة كما قال أشهب وابن القاسم قال اللخمي يحمل كلام ابن القاسم على ما إذا كان البيع مختلفا في فساده ، وأما المجمع على فساده ، فإنه لا يعتق إذ لا ينقل ملكا ولا ضمانا وليس كمثل عتق المشتري لأجنبي منه ، فإنه ماض ولو مجمعا على فساده ; لأن البائع سلطه على إيقاع العتق فأوقعه وهذا لم يوقع عتقا ، وإنما يقع حكما إذا ملكه وهو لم يملكه بهذا الشراء نقله العوفي ا هـ بن ( قوله : على المالك ) أي الذي هو الموهوب له أو الموصي له أو المتصدق عليه ( قوله : إن علم المعطي ) ظاهر المصنف إن علم المعطي شرط في عتق القريب مطلقا أي سواء كان على المعطي دين أو لا وليس كذلك ، وإنما هو شرط في عتقه إذا وهب له وعليه دين كما ذكره في التوضيح وبذلك اعترض ابن مرزوق على المصنف وأشار الشارح للجواب بتقديره قبله ولا يباع في دين على المالك فجعله شرطا في مقدر . والحاصل أنه إذا وهب له قريبه أو تصدق به عليه أو أوصى له به ، فإن لم يكن على [ ص: 367 ] المعطى بالفتح دين نجز عتق ذلك العبد علم المعطي بالكسر أنه يعتق على المعطى بالفتح أم لا قبل المعطي له العبد أو لم يقبله ، وإن كان على المعطي دين ، فإن علم المعطي بالكسر أنه يعتق على المعطى عتق ذلك العبد ولا يباع في ذلك الدين قبل المعطي العطية أو لم يقبلها ; لأن الواهب لم يهبه له ولم يتصدق عليه به حينئذ إلا ليعتق لا ليباع في الدين الذي عليه ، وإن لم يعلم المعطي أنه يعتق على المعطى ، فإنه لا يعتق ويباع في الدين ولو علم المعطي بالقرابة هذا إذا قبل المعطى بالفتح العطية ، فإن لم يقبلها لم يعتق ولم يبع في الدين لعدم دخوله في ملك المعطي فتحصل أنه إذا كان على المعطي دين فللعبد أحوال ثلاثة تارة يعتق وتارة يباع في الدين وتارة لا يباع ولا يعتق ( قوله : فيكفي ) أي في عتقه على عامل القراض وعلى الوكيل على شراء عبد وعلى الزوج وقوله العلم بالقرابة أي علم العامل والوكيل والزوج بالقرابة لرب المال والموكل والزوجة ، وإن لم يعلم بالعتق ، فإن لم يعلموا بالقرابة عتق على رب المال والموكل والزوجة ( قوله : فالأولى تأخيره ) أي تأخير قوله ولو لم يقبل وقوله هنا أي بعد قوله وولاؤه له ( قوله : وإن لم يقبل لم يعتق ) أي إذا كان لا دين عليه وقوله ولم يبع فيما إذا كان عليه دين ( قوله : وهو ) أي التعليل بعدم دخوله في ملكه حيث لم يقبله ظاهر ( قوله : إلا أن النقل إلخ ) استدراك على قوله : وإن لم يقبل لم يعتق ( قوله : عتق ذلك الجزء ) أي إذا لم يكن عليه دين مطلقا أو كان عليه دين وعلم المعطي بالكسر أنه يعتق على المعطى ، فإن لم يعلم وقبله المعطى بيع في دينه ، فإن لم يقبله لم يعتق عليه ولم يبع في دينه ( قوله : ولا يكمل إلخ ) حاصله أن الشخص الكبير الرشيد إذا وهب له جزء من عبد يعتق عليه أو تصدق به عليه أو أوصى له به ، فإن قبله قوم عليه باقيه ، وإن لم يقبله فلا يقوم عليه باقيه ويعتق ذلك الجزء على كل حال سواء علم المعطي أنه يعتق عليه أم لا قبله أو لم يقبله كما في بن خلافا لما في عبق من التفصيل فيه وهو العتق مطلقا إن علم المعطي وكذا إن لم يعلم وقبله المعطى وعند العتق إن لم يقبله ، وإن وهب ذلك الجزء لصغير أو سفيه ، فإنه لا يقوم عليه باقيه قبله الصغير أو السفيه أو لا ، قبله وليه أو لا ، والجزء حر على كل حال ، أي سواء علم المعطي أنه يعتق عليه أم لا ، قبله الصغير والسفيه أو وليهما أو لم يقبلاه هذا كله إذا لم يكن عليه دين ، فإن كان عليه دين فيجري على ما مر من التفصيل إن علم المعطي بأنه يعتق على المعطى فلا يباع ويعتق ، وإن لم يعلم وقبله المعطي بيع للدين ، وإن لم يقبله لم يعتق ولم يبع الدين ( قوله أو لم يقبله ) لو حذف قوله أو لم يقبله كان أخصر لفهمه من قوله أو قبله ولي صغير بالأولى ( قوله : إذ لا يلزمه القبول إلخ ) هذا ظاهر حيث لم يكن على المحجور دين أو كان عليه دين وكان بحيث لا يباع فيه الجزء المعطى لكون المعطي عالما بأنه يعتق على المعطى ، وأما لو كان الدين بحيث يباع فيه الجزء المعطى لكون المعطي لا يعلم بعتقه ، فإنه يلزم الولي قبوله لما فيه من المصلحة المالية لمحجوره من قضاء دينه أو بعضه ( قوله : والجزء المعطى حر ) أي والولاء للمعطى بالفتح ( قوله : لتقييد ما قبل المبالغة ) أي هذا إذا كان الملك بشراء أو إرث بل وإن كان بهبة أو صدقة أو وصية




الخدمات العلمية