الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) إن قال لعبده ( أنت حر قبل موتي بسنة ) مثلا صح العتق [ ص: 386 ] لكن موته غير معلوم فالواجب النظر ( إن كان السيد مليئا ) حين قال لعبده ما ذكره ( لم يوقف ) العبد عن خدمة سيده بل يستمر يخدمه ، ( فإن مات ) السيد بعد ذلك ( نظر ) إلى حاله قبل موته بسنة ( فإن صح ) السيد أي كان صحيحا في أول السنة أو في أثنائها ( اتبع ) بالبناء للفاعل وضميره عائد على العبد أي اتبع العبد تركة سيده ويجوز بناؤه للمفعول ونائبه ضمير السيد والمعنى واحد أي اتبع العبد تركة سيده ( بالخدمة ) أي بأجرة خدمته التي خدمها له سنة قبل موته ; لأنه تبين أنه كان حرا من أولها فهو مالك لأجرته من أول السنة وعتق ( من رأس المال ) ; لأنه بصحة سيده في السنة ولو في آخرها صحة بينة تبين أنه معتق في الصحة ولا يضره ما أحدثه سيده من الدين في تلك السنة وإذا رجع بالخدمة سنة اتبعه الوارث بالنفقة عليه في تلك السنة ( وإلا ) يكن صحيحا في السنة بأن مرض مرضا مخوفا من أولها واستمر مريضا للموت ( فمن الثلث ) يعتق ; لأنه تبين أنه أعتقه في المرض ( ولم يتبع ) تركة سيده بخدمة سنة قبل موته ; لأن كل من يعتق من الثلث فغلته لسيده إذ النظر فيه بالتقويم إنما يكون بعد الموت وصرح بمفهوم مليئا ، وإن كان مفهوم شرط لما فيه من التفصيل فقال ( وإن كان ) السيد ( غير مليء ) وقت قوله أنت حر قبل موتي بسنة ( وقف خراج سنة ) من يوم قوله المذكور على يد عدل بإذن الحاكم سواء كان المخدم له السيد أو غيره ( ثم ) إذا تمت السنة وخدم العبد سيده أو غيره من السنة الثانية زمنا كيوم أو جمعة أو شهر على ما يقتضيه الحال ( يعطى السيد مما وقف ) من خراج السنة الماضية ( ما خدم نظيره ) أي يدفع لسيده من القدر الموقوف وهو أجرة السنة الأولى نظير القدر الذي خدمه العبد في السنة الثانية وهكذا في سنة ثالثة ورابعة وخامسة إلى أن يموت السيد فالسيد نائب فاعل يعطى وفي نسخة يعطى مما وقف بإسقاط لفظ السيد فنائب الفاعل ضمير يعود عليه ومما وقف متعلق بيعطى وما مفعول يعطى الثاني وفاعل خدم ضمير العبد ونظيره مفعول خدم ، ولو قال المصنف نظير ما خدم لكان أوضح وأخصر أي يعطى السيد مما وقف في السنة الماضية نظير ما خدمه العبد في السنة المستقبلة إن يوما فيوما ، وإن شهرا فشهرا مثلا ، فإن مات السيد نظر إلى حاله قبل موته بسنة ، فإن صح فيها أخذ العبد ما بقي ; لأنه أجرة سنة ، وإن مرضها عتق من الثلث [ ص: 387 ] والموقوف للسيد يستحقه الورثة .

التالي السابق


( قوله لكن موته غير معلوم ) أي وحينئذ فأول السنة التي قبل موته الذي يعتق عندها غير معلوم وقوله فالواجب النظر إلخ الأولى فالمخلص من تلك الورطة أن ينظر إلخ ( قوله : ونائبه ضمير السيد ) أي اتبعت تركته بأجرة خدمة السنة التي خدمها له العبد قبل موته فيأخذ تلك الأجرة من رأس المال ( قوله : فهو ) أي العبد مالك إلخ ( قوله : من رأس المال ) تنازعه عتق واتبع فيعمل فيه عتق ويعمل في ضميره اتبع أي اتبعه بالخدمة منه أي من رأس المال كما ذكره ابن عرفة وابن شاس ا هـ بن ( قوله : ولا يضره إلخ ) أي ; لأنه معتق قبل الدين من أول السنة نعم يضره الدين السابق على أول السنة وقوله ولا يضره أي من جهة عتقه من رأس المال ، وإن كان ذلك الدين يضره من جهة قيمة خدمته في السنة ; لأنه يحاصص بها مع الغرماء ولا يقدم عليهم كما قال ابن رشد انظر بن .

( قوله : اتبعه الوارث إلخ ) أي ويتقاصان ، فإن زاد للعبد شيء من خدمة السنة على نفقته رجع بها وانظر إذا زادت النفقة على قيمة خدمته هل يسقط ذلك الزائد أو تتبعه الورثة به كما يتبع هو بما زاد له من خدمة السنة على قيمة السنة ( قوله : لأنه تبين أنه أعتقه في المرض ) أي الذي هو في أول السنة ومن المعلوم أن المعتق في المرض يخرج من الثلث لا من رأس المال ( قوله : على يد عدل ) أي لا على يد السيد ولا على يد العبد ( قوله : ما خدم نظيره ) أي أجرة خدمة زمن خدمة العبد نظيره أي مقداره من السنة الثانية وحاصله أنه إذا تمت السنة ، فإنه يوقف ما يحدث من الخارج في السنة الثانية ويعطى السيد نظيره أي مقداره من خراج السنة الماضية سواء كان خراج شهر أو جمعة أو يوم سواء تساوى الخراج فيها مع المستقبلة أو تخالف وهكذا في سنة ثالثة ورابعة وخامسة إلى ما لا نهاية له كلما حصل خراج بعد السنة أخذ السيد نظيره أي مقداره من الموقوف ووقف الخراج الحاصل بعد السنة ليبقى للعبد خراج سنة محفوظا لاحتمال أن يكون السيد في أول السنة التي اتصلت بموته صحيحا بحيث يخرج من رأس المال ويكون له خراج تلك السنة ( قوله : نظير ) أي أجرة نظير القدر إلخ .

( قوله : في السنة الثانية ) أي ويوقف أجرة ما خدمه في السنة الثانية ( قوله : وإن شهرا فشهرا ) أي وما حدث من خراج المستقبلة يوقف عوضا عما أخذ من خراج الماضية ( قوله : فإن مات السيد نظر إلخ ) هذا ظاهر فيما إذا مات السيد بعد سنة فأكثر من يوم قال له أنت حر قبل موتي بسنة ، وأما لو مات قبل مضي سنة من قوله فهل يراعى كونه صحيحا أو مريضا حال القول ويعتق من رأس المال في الأول ومن الثلث في الثاني أو لا يعتق أصلا ; لأنه علقه في المعنى على شيء لم يحصل ; وذلك لأن قوله أنت حر قبل موتي بسنة في معنى قوله إن مضت سنة قبل موتي من هذا الوقت فأنت حر ولم تمض [ ص: 387 ] السنة قبل موته من هذا الوقت والثاني هو ما استظهره عج والأول هو ما استظهره غيره




الخدمات العلمية