الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن ) أعتق عبده القن أو كاتبه أو قاطع عن كتابة مكاتب على مال معين أو موصوف ثم ( وجد العوض ) عن المذكورات الثلاثة ( معيبا أو استحق ) من يد السيد حال كون ما ذكر من المعيب أو المستحق ( موصوفا ) فهو حال منهما وجواب أن محذوف تقديره رجع بمثله ولو مقوما كثوب وشاة صفتها كذا على المعتمد لا بقيمة المقوم الموصوف وذكر مفهوم موصوفا الراجع لكل من المعيب والمستحق بقوله ( كمعين ) من مثلي أو مقوم وقع عقد العتق أو الكتابة أو القطاعة عليه كهذا الثوب بعينه أو هذا القطن بعينه فوجد معيبا أو استحق فيرجع بمثله إن كان مثليا وبقيمته إن كان مقوما فالتشبيه ليس بتام بل في مطلق الرجوع وهذا كله إن كان للعبد مال ، فإن لم يكن له مال ، فإن كان له فيما دفعه شبهة فكذلك عند ابن القاسم وأشهب والأكثر وإليه أشار بقوله : وإن بشبهة فيما دفعه لسيده في نظير العتق [ ص: 401 ] ( إن لم يكن له ) أي للعبد ( مال ) بل كان معسرا وهذا قيد في المبالغ عليه وهو الشبهة ، فإن لم يكن له فيه شبهة ولا مال له رجع لما كان عليه من رق أو كتابة وتبطل القطاعة .

وأما إن كان موسرا فيبقى على حاله ويرجع سيده عليه بعوضه في حال عدم الشبهة فالتفصيل بين ماله فيه شبهة وما لا شبهة له فيه جار في المعين والموصوف في الذمة على الراجح ، وإن كان خلاف قاعدته من رجوع مثل ذلك لما بعد الكاف ; لأنها أغلبية ، هذا ما عليه أكثر الشراح وتقريره على هذا الوجه هو الموافق للنقل ، وإن كان فيه تكلف حذف جواب وإن ولا دليل عليه

التالي السابق


( قوله : وإن وجد العوض معيبا ) حاصل ما قرر به الشارح كلام المصنف أنه إذا أعتق عبده على مال أو كاتبه على مال أو قاطعه على مال فوجد السيد العوض معيبا أو استحق منه ، فإن كان موصوفا في الذمة رجع السيد على العبد بمثله سواء كان مقوما أو مثليا ، وإن كان ذلك العوض معيبا رجع السيد بمثله إن كان مثليا وبقيمته إن كان مقوما ولا فرق بين أن يكون العبد له شبهة فيما دفعه أو لا وهذا كله إذا كان العبد موسرا له مال ، فإن كان معسرا لا مال له فكذلك إن كان له شبهة فيما دفعه معينا كان أو موصوفا ، فإن لم يكن له شبهة فيما دفعه رجع لما كان عليه من رق أو كتابة وبطلت القطاعة سواء كان ذلك العوض الذي دفعه من غير شبهة معينا أو موصوفا .

( قوله : على مال ) تنازعه أعتق وكاتب وقاطع ( قوله : فهو حال منهما ) أي وأفرده ; لأن العطف بأو ( قوله : ولو مقوما ) أي هذا إذا كان مثليا بل ولو كان مقوما .

( قوله : على المعتمد ) أي وهو نص المدونة وأيضا القاعدة أن الموصوف يرجع بمثله مطلقا كما في السلم وغيره ( قوله : لا بقيمة المقوم الموصوف ) أي كما ذكره بهرام وتت وح وهو قول ابن رشد واعتمده المصنف في التوضيح وهو مشكل إذ الفرض أنه غير معين فكيف يرجع بقيمته .

( قوله : وقع عقد العتق أو الكتابة إلخ ) حقيقة الكتابة أن تكون على غير معين وما على معين فقطاعة لا كتابة كما في التوضيح وغيره انظر بن وانظر هذا مع ما مر من جواز الكتابة بالعبد الآبق والبعير الشارد ، فإنه معين وجعلوه كتابة إلا أن يقال هذا الجعل تسمح ( قوله بل في مطلق الرجوع ) أي لا في المرجوع به ( قوله : وهذا كله ) أي ما ذكر من الرجوع بالمثل في الموصوف مطلقا مثليا أو مقوما استحق أو وجد معيبا ومن الرجوع بالمثل في المثلي والقيمة في المقوم إذا كان معينا استحق أو وجد معيبا ( قوله : إن كان للعبد مال ) أي سواء كان له فيما دفعه شبهة أم لا .

( قوله : فإن كان له فيما دفعه شبهة ) أي كما لو كان مستأجرا له أو مستعيرا له وقوله فكذلك أي يرجع عليه بمثل الموصوف مثليا أو مقوما وبقيمة المقوم المعين وبمثله .

( قوله عند ابن القاسم وأشهب ) أي وقال ابن نافع يرجع لما كان عليه من كتابة أو رق مثل ما إذا لم يكن له شبهة فيما دفعه [ ص: 401 ] قوله : إن لم يكن له مال ) أي إن ثبت أنه لم يكن له مال فلم يجتمع أداتا مضي واستقبال ولم يتوارد عاملا جزم على مجزوم واحد ( قوله : وهذا قيد في المبالغ عليه وهو الشبهة ) فيه نظر بل المبالغ عليه هو قوله : إن لم يكن له مال وقوله : وإن بشبهة قيد فيه ، والأصل وإن لم يكن مال أي هذا إن كان له مال بل وإن لم يكن له مال إن كان دفع العبد له بشبهة فيه ( قوله رجع لما كان عليه ) أي سواء كان العوض الذي دفعه موصوفا أو معينا .

( قوله : ويرجع سيده عليه بعوضه ) أراد بعوضه المثل في الموصوف ولو مقوما والمثل في المعين إن كان مثليا والقيمة إن كان مقوما وقوله في حال عدم الشبهة أي كما أنه يرجع به في حال وجودها .

( قوله : فالتفصيل بين ما له فيه شبهة وما لا شبهة له فيه ) أي بالنظر لمن لا مال له ; لأن التفصيل إنما هو فيه وحاصله أنه إذا كان له شبهة فيما دفعه رجع عليه بمثل الموصوف مطلقا وبمثل المثلي وقيمة المقوم إن كان المدفوع معينا ، وإن لم يكن له شبهة يرجع لما كان عليه كان المدفوع موصوفا أو معينا ( قوله : على الراجح ) قال شيخنا بل هذا خلاف الراجح والراجح أنه إن لم يكن له شبهة ففي المعين يرجع لما كان عليه له مال أو لا وفي الموصوف يتبعه السيد بمثله ( قوله هذا ما عليه أكثر الشراح ) أي كج وغيره وذكر الشيخ شرف الدين الطخيخي أن الموصوف سواء كان مثليا أو مقوما يتبعه بمثله ولو كان لا شبهة له فيه ولا مال له بخلاف المعين ، فإنه يرجع لما كان عليه من رق أو كتابة حيث كان لا شبهة له فيما دفعه كان له مال أولا وحاصل كلامه أنه إذا كان موصوفا اتبعه بمثله كان له مال أو لا كان له شبهة فيما دفعه أو لا ، وإن كان معينا رجع بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان مقوما إذا كان له شبهة فيما دفعه كان له مال أو لم يكن ، فإن لم يكن له شبهة رجع لما كان عليه من كتابة أو رق كان له مال أو لا فقول المصنف ، وإن بشبهة إن لم يكن له مال راجع لما بعد الكاف وهو المعين أي كما يرجع عليه بالمعين إن كان له شبهة فيما دفعه هذا إذا كان له مال بل وإن لم يكن له مال ومفهوم إن كان له شبهة أنه إن لم يكن له شبهة رجع لما كان عليه كان له مال أو لا قال شيخنا العدوي والنقل ما قاله شرف الدين الطخيخي




الخدمات العلمية