الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( لا ) تجوز شهادة ( المجلوبين ) بعضهم لبعض على غيرهم أي أجنبي ( إلا ) أن يكثر الشهود منهم ( كعشرين ) منهم يشهدون على أجنبي حيث كانوا عدولا وأما لو شهد بعضهم على بعض منهم فيكفي شاهدان والمراد بالمجلوبين قوم من الجند يرسلهم السلطان أو نائبه لسد ثغر أو حراسة قرية ونحو ذلك وعلل المنع بحمية البلدية ولعل هذا باعتبار القرون الأولى وأما المشاهد فيهم الآن فحمية الجاهلية وشدة التعصب على أمة خير البرية قاسية لقلوبهم فاشية عيوبهم [ ص: 178 ] فأنى تقبل شهادتهم شرعا ولكنهم يمضونها طبعا

التالي السابق


( قوله لا المجلوبين ) قال طفى قد عمم المصنف في توضيحه ومختصره في عدم قبول شهادة المجلوبين أي سواء شهد بعضهم لبعض على أجنبي أو على بعض منهم كانت الشهادة بمال أو غيره مع أن المسألة مفروضة في المدونة في شهادة بعضهم لبعض بالنسب وعلى ذلك قرره ابن مرزوق ونص المدونة قال مالك في الحصن يفتح فيسلم أهله فيشهد بعضهم لبعض بالنسب فإنهم يتوارثون بأنسابهم كما كانت العرب حين أسلمت وأما العدد القليل من الكفار يحملون إلينا فيسلمون فهؤلاء لا تقبل شهادة بعضهم لبعض إلا أن يشهد من سواهم من تجار أو أسارى كانوا عندهم فيتوارثون بذلك قال ابن القاسم والعشرون عدد كثير ا هـ نقله المواق .

فقوله وأما العدد القليل إلخ هو مراد المصنف بالمجلوبين أي فمراده بهم قوم يأتون من الكفار مترافقين إلى بلد الإسلام فيسلمون سواء جرى عليهم الاسترقاق ثم أعتقهم الإمام أم لا وقد علمت أنه مفروض في المدونة في التوارث بالنسب وعلى ذلك قصرها أبو الحسن وهل تشترط العدالة في العشرين أم لا ظاهر المدونة عدم اشتراطها وهو الذي اختاره التونسي واللخمي والمازري وهو مبني على أن الشهود إذا كثروا لا ينظر إلى عدالتهم لحصول العلم بخبرهم ولو وجدت العدالة لكفى اثنان وظاهر كلامهم أن العشرين كلهم شهود وهو كذلك انظر بن إذا علمت هذا فاعلم أن كلام المصنف قد قرر بتقريرين فقرره ابن مرزوق بمسألة المدونة فقال لا تجوز شهادة المجلوبين بعضهم لبعض بالنسب ليتوارثوا إلا أن يكثر الشهود منهم كعشرين فإن كثر الشهود جازت شهادة بعضهم لبعض بالنسب والمراد بالمجلوبين القوم من كفار يأتون لبلاد الإسلام فيسلمون وقرره غيره من الشراح بمسألة أخرى غير مسألة المدونة وتبعهم الشارح على ذلك .

وحاصله لا تجوز شهادة المجلوبين بعضهم لبعض على أجنبي من غيرهم لا بمال ولا بقذف ولا بغير ذلك إلا أن يكثر الشهود منهم كعشرين يشهدون على ذلك الأجنبي فإن كان المشهود منهم كذلك جازت شهادتهم على ذلك الأجنبي وفسروا المجلوبين بالقوم الذين يرسلهم السلطان لسد ثغر أو لحراسة قرية أو قطر أو القوم الكفار الذين يأتون من بلادهم مترافقين لبلد الإسلام فيسلمون وأما لو شهد بعضهم لبعض منهم على بعض منهم كفى الشاهدان إذا كانا عدلين وكل من التقريرين صحيح .

( قوله كعشرين ) قال عبق وانظر لو شهد عشرة منهم وحلف المشهود له هل يعمل بذلك في المال أو لا والثاني ظاهر كلامهم ( قوله حيث كانوا عدولا ) أي حيث كان العشرون عدولا وهذا هو الظاهر تشديدا عليهم كما في المج وإن كان ظاهر المدونة عدم اشتراط عدالتهم واختاره العلامة المازري واللخمي والتونسي بناء على أن الشهود إذا كثروا لا ينظر لعدالتهم ( قوله هذا ) أي التعليل بوجود الحمية البلدية فيهم المجامع لوجود العدالة باعتبار إلخ ( قوله وأما المشاهد فيهم الآن فحمية الجاهلية ) أي وحينئذ فلا عدالة فيهم فلا تقبل شهادتهم لبعضهم على أجنبي [ ص: 178 ] منهم ولو كثر الشهود منهم جدا ( قوله فأنى تقبل شهادتهم ) أي فلا تقبل ولو كثروا إلخ فهو استفهام إنكاري بمعنى النفي




الخدمات العلمية