الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ذكر مسألة لا ارتباط لها بمسألة الصبي بقوله ( وإن حلف المطلوب ) يعني أن من ادعى بحق مالي وأقام عليه شاهدا فقط أو امرأتين وأبى أن يحلف مع شاهده فحلف المدعى عليه وبرئ ( ثم أتى ) المدعي ( بآخر ) ( فلا ضم ) أي لا يضم الثاني للأول لبطلان شهادته بنكول المدعي معه وحلف المطلوب ( وفي حلفه ) أي الطالب ( معه ) أي مع الشاهد الثاني ويستحق لأنه قد يظهر له بشهادة الثاني ما يحقق دعواه ويقدم به على اليمين وعدم حلفه لأنه لما نكل مع الأول سقط حقه قولان ( و ) على القول بالحلف معه ففي ( تحليف المطلوب ) ثانيا ( إن لم يحلف ) الطالب مع الثاني بأن نكل معه كما نكل أولا لأن حلف المطلوب أولا كان لرد شهادة الأول فيحتاج ليمين أخرى لرد شهادة الثاني وعلى هذا القول [ ص: 203 ] لو نكل المطلوب استحق الطالب الحق وعدم تحليفه لأنه حلف أولا وبرئ من الحق ( قولان ) وعلى الأول لو أتى بشاهدين لاستحق بخلاف الثاني ( وإن تعذر يمين بعض ) أي أو كل بدليل قوله أو على الفقراء ومثل للأول بقوله ( كشاهد ) أو امرأتين على إنسان ( بوقف ) لدار مثلا ( على بنيه ) أي بني الواقف أو بني زيد ( وعقبهم ) بطنا بعد بطن بدليل ما يأتي في كلامه وليس المراد أنه سوى بين البنين والعقب كما قد يتوهم من الواو فاليمين متعذرة من العقب متيسرة من البنين ومثل للثاني المحذوف من كلامه بقوله ( أو ) شاهد بوقف كدار ( على الفقراء ) فاليمين متعذرة من جميعهم ( حلف ) من يخاطب باليمين وهو البعض الموجود من الموقوف عليهم في الأولى والمدعى عليه في الثانية فإن حلف الموجود مع الشاهد ثبت الوقف وإن حلف بعض الموجودين دون بعض ثبت نصيب من حلف دون غيره فإن نكل الجميع بطل الوقف إن حلف المدعى عليه ( وإلا ) يحلف المدعى عليه في الثانية ( فحبس ) بشهادة الشاهد ونكول المدعى عليه فهذا مفرع على الثانية فقط وفرع على الأولى فقط لكن في خصوص ما إذا حلف بعض دون بعض قوله ( فإن مات ) الحالف اتحد أو تعدد ولم يبق إلا الناكل [ ص: 204 ] ( ففي تعيين مستحقه ) أي جنس مستحقه وبينه بقوله ( من بقية الأولين ) وهم طبقة الحالف الميت ( أو ) أهل ( البطن الثاني ) بالجر عطف على بقية أي هل يستحق نصيب الميت الحالف أهل طبقته من إخوته الناكلين لأن نكولهم عن الحلف أو لا عن نصيبهم لا يمنع استحقاقهم نصيب الحالف الميت أو يستحقه أهل البطن الثاني لبطلان حق بقية البطن الأول بنكولهم وأهل البطن الثاني إنما تلقوه عن جدهم المحبس فلا يضرهم نكول أبيهم إن كان أبوهم هو الناكل ( تردد ) الراجح الثاني وكل من استحق لا بد من يمينه لأن أصل الوقف بشاهد واحد وينبغي أن يحلف غير ولد الميت لأن ولد الميت يأخذ بالوراثة عن أبيه

التالي السابق


( قوله يعني أن من ادعى بحق مالي ) احترز بذلك عن إقامة المدعي شاهدا في نحو طلاق وعتق فحلف المطلوب لرد شهادته ثم أتى الطالب بأخرى فإنه يضمنه له اتفاقا ( قوله وأقام عليه شاهدا فقط ) أي عند من يرى ثبوته بذلك مع اليمين وأما لو أقام شاهدا في حق مالي عند من لا يرى ثبوته به وبيمين وحلف المطلوب ثم أتى بآخر فإنه يضمه له كما تقدم في قوله أو وجد ثانيا أو مع يمين لم يره الأول ( قوله للأول ) أي الذي نكل عن اليمين معه ( قوله لبطلان شهادته ) أي الأول بسبب نكول المدعي مع وجود ذلك الشاهد الأول وحلف المطلوب ( قوله وفي حلفه ) أي وإذا لم يضمه للأول وأراد الحلف مع الثاني فإن في حلفه معه واستحقاقه وعدم حلفه قولين والمعتمد منهما الأول كما في المج [ ص: 203 ] قوله لو نكل المطلوب ) أي عن اليمين التي لرد شهادة الشاهد الثاني ( قوله استحق الطالب الحق ) أي بغير يمين كما في التوضيح .

( قوله لأنه حلف أولا ) أي لرد الدعوى من أصلها ( قوله وعلى الأول ) أي وهو أن للطالب أن يحلف مع الشاهد الثاني ويستحق ( قوله لو أتى بشاهدين لاستحق ) أي وهو قول ابن القاسم في الموازية وقوله بخلاف الثاني أي وهو أن الطالب ليس له أن يحلف مع الشاهد الثاني لأنه لما نكل مع الشاهد الأول سقط حقه فعلى هذا القول لو أتى الطالب بعد حلف المطلوب بشاهدين فإنه لا يستحق ولا قيام له بهما وهو قول ابن القاسم في المبسوط ونحوه لابن كنانة والمعتمد من قولي ابن القاسم المذكورين الأول وقد تقدم أنه إذا حلف الطالب المطلوب وله بينة حاضرة أو غائبة كالجمعة يعلمها لم تسمع إذا أقامها وهذا لا يخالف القول الأول من قولي ابن القاسم لحمل كلام ابن القاسم على ما إذا حلف الطالب المطلوب غير عالم بالشاهدين أو كانا على أبعد من كالجمعة .

( قوله وإن تعذر يمين بعض ) أي يمين بعض المشهود لهم أو كلهم ( قوله بدليل قوله أو على الفقراء ) أي ففي كلام المصنف حذف أو مع ما عطفت لدليل وهو جائز كما في المغني ( قوله على إنسان ) أي شهدا أو أشهدتا على إنسان .

( قوله بدليل ما يأتي في كلامه ) أي من ذكر التردد لأنه إنما يتفرع على هذا المعنى ويصح قراءة وعقبهم فعلا ماضيا مضعفا كما في بن ( قوله فاليمين متعذرة من العقب ) أي وهم بعض الموقوف عليهم المشهود لهم بالوقف ( قوله المحذوف من كلامه ) أي الذي قدره الشارح بقوله أو كل ( قوله أو شاهد ) أي أو امرأتين ( قوله وهو البعض الموجود من الموقوف عليهم في الأولى ) أي لما مر أن الوقف على معين يثبت بالشاهد واليمين .

( قوله والمدعى عليه في الثانية ) أي لما أن الوقف على غير معين لا يثبت بشاهد ويمين لعدم تعين المستحق الذي يحلفها وإذا حلف المدعى عليه في الثانية رجع المدعى به ملكا ولا عبرة بدعوى وقفيته لعدم ثبوتها فإن نكل فحبس كما قال المصنف وإلا فحبس وما ذكره من كون المدعى عليه يحلف في المسألة الثانية أعني مسألة الفقراء هو ما ذكره اللخمي والمازري وابن شاس وابن الحاجب لكنه تعقبه ابن عرفة فقال ظاهر الروايات عدم حلفه لعدم تعين طالبه وبطلان الوقف على أن اللخمي والمازري لما ذكرا حلفه جعلوه كمن شهد عليه شاهد بالطلاق أو العتق وظاهر أن هذا إذا لم يحلف يحبس وإن طال دين ولا يلزم طلاق ولا عتق ولذا قال المواق وغيره أن قول المصنف وإلا فحبس لا مستند له انظر بن .

( قوله وإن حلف بعض الموجودين ) أي وإن حلف كل البعض الموجود في المسألة الأولى ( قوله دون غيره ) أي فلا يثبت نصيبه بل يكون ملكا للمدعى عليه إن حلف .

( قوله فإن نكل الجميع بطل الوقف إن حلف المدعى عليه ) وكذا قوله قبل دون نصيب من لم يحلف أي فإن وقفيته باطلة ويكون ملكا للمدعى عليه إن حلف ظاهره أن الوقف كلا أو بعضا يبطل بحلف المطلوب حتى بالنسبة للبطن الثاني وأنه لا كلام لهم وهو مبني على أن أخذ أهل البطن الثاني بطريق الإرث من آبائهم لكنه خلاف ما استظهره المازري وغيره من أن أخذهم بعقد التحبيس من الواقف لا بطريق الإرث من آبائهم ولذا قال ابن عرفة لو عرضت اليمين على البطن الأول فنكلوا كلهم ثم جاء بعدهم البطن الثاني فمن قال أخذ البطن الثاني كأخذ الإرث من آبائهم لم يمكنوا من الحلف لبطلان حقهم بنكول آبائهم وعلى الطريقة الأخرى وهي أن أخذهم إنما هو بعقد التحبيس من المحبس يمكنون من اليمين ولا يضرهم نكول آبائهم وهو الظاهر ا هـ بن .

والحاصل أنه إذا حلف المطلوب لنكول الموجودين بطل الوقف عليهم وهل تمكن الطبقة الثانية منه بيمين أو لا تمكن منه خلاف والظاهر الأول .

( قوله إن حلف المدعى عليه ) أي فإن نكل فالمدعى به حبس ويمكن دخول هذه تحت قول المصنف وإلا فحبس [ ص: 204 ] أي وإلا يحلف المدعى عليه ابتداء في المسألة الثانية أو بعد نكول الموجودين في المسألة الأولى فحبس أي فالمتنازع فيه حبس في الفرعين وبهذا حل بعض الشراح كلام المصنف .

( قوله ففي تعيين مستحقه ) أي مستحق نصيب الميت الحالف ( قوله أي جنس مستحقه ) أشار إلى أن الإضافة جنسية فتصدق بمتعدد وأشار الشارح بهذا لدفع ما يقال إن مستحقه مفرد فكيف يبينه بمتعدد فالأولى أن يقول مستحقيه ( قوله من بقية ) أي من كون بقية إلخ .

( قوله تردد ) محله ما لم يشترط الواقف أنه لا يأخذ أحد من أهل البطن الثاني شيئا إلا بعد انقراض البطن الأول وإلا لم يأخذ أحد من أهل البطن الثاني شيئا ما دام أحد من الناكلين اتفاقا وجعل الشارح محل التردد موت البعض الحالف ولم يبق إلا الناكل احترازا عما إذا مات بعض من حلف وبقي منهم بعض مع الناكلين فلا شيء للناكلين ويستحق نصيب الميت الحالف بقية الحالفين وهل يحلفون أيضا أو لا قولان بناء على أن أخذهم بعقد الحبس عن الواقف أو أخذهم كالميراث عن الميت وهذا أحد تقررين ذكرهما عج والثاني يجعل التردد جاريا في ذلك أيضا فقيل إن نصيب من مات لمن بقي من أهل البطن الأول من حلف ومن نكل وقيل لأهل البطن الثاني خاصة .

( قوله وكل من استحق ) أي سواء كان من بقية البطن الأول أو من أهل البطن الثاني لا بد من يمينه أي بناء على أن أخذه بعقد الحبس عن الواقف كما هو الظاهر وإليه يشير قول الشارح لأن أصل الوقف بشاهد وقيل إن أخذ المستحق كالميراث عن أخيه أو أبيه أو عمه وعليه فلا يلزم المستحق يمين وهذا الخلاف جار في بقية الطبقة الأولى وفي أهل الثانية سواء ابن الواقف وغيره فقول الشارح وينبغي أن يحلف إلخ فيه نظر تأمل .

( قوله لأن ولد الميت يأخذه بالوراثة عن أبيه ) أي وحصة أبيه قد ثبتت بالشاهد واليمين




الخدمات العلمية