الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 79 ] وبهبته له ، أو دفع قريب عنه ، وإن من ماله ، أو شهادة بينة بالقضاء إلا بدفعه ، ثم أخذه [ ص: 80 ] لا إن جن ، ودفع الحاكم ، وإن لم يدفع فقولان .

[ ص: 79 ]

التالي السابق


[ ص: 79 ] ( و ) حنث الحالف ليقضين فلانا حقه إلى أجل كذا ( بهبته ) أي الدين ( له ) أي المدين وقبله لبراءة ذمته به وسقوط الحق عنه فتعذر قضاؤه المحلوف عليه ، ولا يبر بدفعه له بعد قبوله وقبل الأجل ، فإن لم يقبله ووفاه في الأجل وإلا فلا أفاده عب . وفي التوضيح فهل يحنث بنفس قبول الهبة وإن لم يحل الأجل وإليه ذهب أصبغ وابن حبيب أو لا يحنث حتى يحل الأجل ولم يقضه الدين ، ولو قضاه إياه بعد القبول وقبل حلول الأجل بر وهو ظاهر قول مالك وأشهب رضي الله تعالى عنهما ا هـ .

الحط وعلى قول مالك وأشهب حمل الشارح كلام المصنف ، وفي كبير تت عن ابن ناجي أنه المشهور فالصواب حمل المتن عليه ، وهو الموافق لقوله بعده إلا بدفعه على ما هو الظاهر من رجوعه لهذه أيضا أفاده البناني .

( أو دفع قريب ) للحالف غير وكيل قضاء وتفويض أو سلطان الدين للمحلوف له نيابة ( عنه ) أي الحالف بغير إذنه إن كان المدفوع من مال الدافع بل ( وإن ) كان ( من ماله ) أي الحالف فلا يبر به إلا أن يعلم قبل الأجل بدفعه عنه ويرضى به فيبر به سواء دفع من ماله أو من مال الحالف ، كدفع قريبه وهو وكيل قضاء أو تفويض كوكيل تقاض دينا أو في بيع أو شراء أمره بالدفع وإلا لم يبر قاله المواق ، وينبغي إلا أن يعلم قبل الأجل ويرضى ولا يبر بقضاء وكيل الضيعة إلا أن يعلم به ويرضى قبله ( أو شهادة بينة ) له على رب الدين ( بالقضاء ) ولو زكيت وقبلت شهادتها أو تذكر الطالب أنه كان قبضه أو أبرأه منه فلا يبر الحالف في ذلك كله ( إلا بدفعه ) أي الحالف الحق بنفسه أو بإذنه قبل مضي الأجل أو علمه بدفع غيره عنه رضاه قبل الأجل .

وقوله ( ثم أخذه ) أي الحالف المدفوع من المدفوع إليه إن لم يرد الهبة من تتمة الحكم لا لأنه لا يخرج من عهدة اليمين إلا به ، وكلامه هنا على مراعاة اللفظ دون البساط وهو خلاف ما تقدم قاله عج ، ولكن الراجح كلامه فيما هنا بخصوصه ولا غرابة في بناء مشهور [ ص: 80 ] على ضعيف . ومثل مسألة المصنف إذا كان الحق المحلوف على وفائه عوض عبد فاستحق أو ظهر به عيب ورده فلا يبر حتى يوفيه ثم يرده قاله الأقفهسي . ابن عاشر أي إن قبل المحلوف له قبض المال وإلا فلا يلزمه ويقع الحنث ا هـ .

البناني قلت له أن يبر برفعه للحاكم ويشهد لذلك ما في الحط عن ابن رشد ، ونصه وأما إن كان المحلوف له حاضرا فالسلطان يحضره ويجبره على قبض حقه إلا أن يكون الحق مما لا يجبر على قبضه كعارية غاب عليها فتلفت عنده وما أشبه ذلك فيبرأ من يمينه على دفع ذلك إليه برفعه إلى السلطان .

( لا إن جن ) بضم الجيم وشد النون الحالف ليقضين فلانا حقه إلى أجل كذا أو أغمي عليه أو أسر أو حبس ، ولم يمكنه الدفع ، أو سكر بحلال كذا يظهر في الجميع وانظر الفقد ( و ) الحال أنه ( دفع الحاكم ) الحق عنه لربه قبل مضي الأجل من ماله فلا يحنث أو من مال الحاكم حيث لا ولي لمن جن ، وإلا لم يبر بدفع الحاكم ، والظاهر أن جماعة المسلمين مثله .

( وإن لم يدفع ) الحاكم الحق عن المجنون قبل مضي الأجل ودفعه بعده ( فقولان ) بالحنث وعدمه لأصبغ وابن حبيب عن مالك رضي الله تعالى عنهم ، أو مات المحلوف له والحالف وارثه استحسن أن يأتي الإمام فيقضيه ثم يرد له وعنه الوراثة كالقضاء .




الخدمات العلمية