الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 476 ] وهل تملك بالعقد النصف فزيادته كنتاج وغلة ونقصانه لهما وعليهما ؟ [ ص: 477 ] أو لا ؟ خلاف .

التالي السابق


( وهل تملك ) الزوجة ( بالعقد ) للنكاح ( النصف ) من المهر ولا تملك النصف الآخر إلا بدخول أو موت ، فإن طلقها قبل البناء وتشطر المهر ( فزيادته ) أي المهر ( كنتاج ) أي أولاد للصداق ( وغلة ) للصداق ( ونقصانه ) أي الصداق بنحو سرقة ( لهما ) أي الزوجين راجع للزيادة ( وعليهما ) أي الزوجين راجع للنقص . البناني الذي دل عليه كلامهم أنه إنما محله إذا طلقها قبل البناء ، ولذا قال ابن عاشر الصواب وضع هذه المسائل بعد قوله وتشطر إلخ ، كصنيع ابن الحاجب . وأما إن فسخ قبله فالزيادة للزوج ، والنقص عليه ، وإن دخل أو مات أحدهما فالزيادة لها والنقص عليها .

والحاصل أنه في التلف إذا كان لا يغاب عليه أو شهدت بينة بتلفه بلا تعد ولا تفريط فضمانه ممن هو له أيا كان ، وكذا حكم الزيادة ، وهذا هو المشهور . وأما ما بنوه على الثاني والثالث فضعيف ، وقد كرر المصنف حكم الضمان هنا وفي مواضع ، ومحصله ما ذكرناه . وقوله كنتاج ظاهره كابن الحاجب أن الولد كالغلة يأتي فيه التفريع المذكور وليس كذلك ، بل الولد حكمه حكم الصداق على كل قول لأنه ليس بغلة ، وصنيع ابن عرفة يدل على هذا لحكمه بأنه كالمهر ، ثم ذكره الخلاف فيها وبنائه على القولين ، وكذا صنيع المدونة . وفي التوضيح إن كون الولد ليس بغلة هو المشهور في المذهب وقد [ ص: 477 ] نص في المدونة على أن ولد الأمة ونسل الحيوان يكون في الطلاق قبل البناء بينهما .

( أو لا ) تملك الزوجة بالعقد النصف أي لا تملك شيئا ، وبه قرر تت لأنه الذي شهره ابن شاس فزيادته له ونقصه عليه ، فإذا طلقها قبل البناء وقد تلف فيدفع لها نصف قيمته ، وإن زاد فهي له أو تملك الجميع فيهما لها وعليها وجعله تت زائدا بعد قوله في الجواب ( خلاف ) طفي ذكر ابن الحاجب وابن عرفة وغيرهما الخلاف في أنها هل تملك بالعقد النصف أو الجميع ، وفرعوا عليهما هل الغلة بينهما أو لها وشهر ابن شاس أنها لا تملك بالعقد شيئا ولم يفرع عليه أن الغلة للزوج ، ولما تكلم على التشطير فرع على القولين المذكورين في كلام ابن الحاجب وابن عرفة ، ولم أر من فرع على أنها لا تملك به شيئا كون الغلة للزوج سوى الشارح ومن تبعه ، ولولا ما قالوه لأمكن حمل قوله أو لا على أن مراده أو لا تملك النصف بل الجميع ، فيكون أوفق بكلام ابن الحاجب وابن عرفة ويأتي التفريع عليه ، وإن لم يكن مشهورا فمخالفة اصطلاحه أخف من مخالفة غيره على أنه في توضيحه وفي كلام صاحب الجواهر نظر لمخالفته للمدونة . ا هـ . يعني في تشهيره كون الغلة وقد صرح في المدونة بأنها بينهما ، وعلى قول الغير تكون لها ولا يلزم هذا . ابن شاس لأنه لم يفرعه عليه كما تقدم .

ثم إن ظاهر كلامه كابن الحاجب أن الولد كالغلة يأتي فيه التفريع وبه صرح عج ومن تبعه ، وليس كذلك لأن الولد حكمه حكم الصداق على كل حال وعلى كل قول وهو الموافق لقواعد المذهب أن الولد ليس بغلة ، وصنيع ابن عرفة يدل على هذا لأنه حكم للولد بحكم المهر ، ثم ذكر الخلاف في الغلة والبناء فيها على كلا القولين ، ونصه وما حدث بالمهر من زيادة بولادة مثله وفي كون غلته ثمرة أو غيرها أو هبة مال له وهو رقيق لها أو بينهما بناء على ملكها بالعقد كله أو بعضه ، وكذا صنيع المدونة ، ونصها كل ما أصدق الرجل امرأته من حيوان أو غيره مما هو بعينه فقبضته أو لم تقبضه فحال سوقه أو نقص في بدنه أو نما أو توالد ثم طلقها قبل البناء فللزوج نصف ما أدرك من [ ص: 478 ] هذه الأشياء يوم طلق على ما هو به من نقص أو نماء ، ولا ينظر في هذا إلى قضاء قاض لأنه شريكها .

وكذا إن نكحها بحائط أو عبد معين ثم طلقها قبله فما أغلت الثمرة أو العبد بينهما كان بيدها أو بيده ، وكذا الأمة تلد عنده أو عندها أو كسبت مالا أو اغتلت غلة أو وهب لها أو للعبد مال فهذا كله إن طلقت قبله بينهما ، وكل ما غل أو تناسل من إبل أو بقر أو غنم أو ثمر شجر أو نخل أو كرم فهو بينهما . وقيل إن كل غلة أو قمرة لها خاصة بضمانها . ا هـ . فقد رأيت أنه لم يذكر البناء إلا في الغلة ، والحق هو المتبع والله الموفق .




الخدمات العلمية