الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإن أذنت لوليين فعقدا ، فللأول [ ص: 296 ] إن لم يتلذذ الثاني بلا علم ، ولو تأخر تفويضه إن لم تكن في عدة وفاة ، [ ص: 297 ] ولو تقدم العقد على الأظهر ، وفسخ بلا طلاق إن عقدا بزمن [ ص: 298 ] أو لبينة بعلمه أنه ثان ، لا إن أقر أو جهل الزمن

التالي السابق


( وإن أذنت ) غير مجبرة ( لوليين ) معا أو مترتبين أو أذن مجبر لاثنين يعقدان على مجبرته ( فعقدا ) أي الوليان في وقتين وعلم الأول والثاني بدليل قوله ( ف ) هي ( للأول ) أي الزوج الذي تقدم العقد له ، وبدليل قوله الآتي وفسخ بلا طلاق إن عقدا بزمن ، [ ص: 296 ] وقوله الآتي أو جهل الزمن . ومحل كونها للأول ( إن لم يتلذذ ) الزوج ( الثاني ) بالزوجة حال كونه ( بلا علم ) منه بأنه ثان ، بأن لم يتلذذ أصلا أو تلذذ بها عالما بأنه ثان وشهدت عليه بينة بإقراره بعلمه فهي للأول في هاتين الصورتين ، ويفسخ نكاح الثاني بلا طلاق في التوضيح ، وبطلاق للقوري ، ولا يحد بدخوله عالما بالأول قاله القوري . فإن تلذذ بها الثاني غير عالم بالأول فهي له قضى به عمر بحضرة الصحابة رضي الله تعالى عنهم ومعاوية للحسن على ابنه يزيد إن تقدم تفويضها لوليها الذي عقد للثاني .

بل ( ولو تأخر تفويضه ) أي الثاني أي الإذن للولي الذي عقد له فهي مبالغة في المفهوم ، أي إذا تلذذ الثاني بلا علم الأول كانت له ولو كان الإذن للولي الذي عقد له متأخرا عن الإذن لعاقد الأول . وأشار ب ولو لقول الباجي إن فوضت لأحدهما بعد الآخر فالنكاح للأول ، ويفسخ نكاح الثاني ولو دخل ، وعلى ما مشى عليه المصنف يفسخ نكاح الأول بطلاق للاختلاف فيه .

ومحل كونها للثاني المتلذذ بلا علم ( إن لم تكن ) المرأة حال عقد أو تلذذ الثاني بها ( في عدة وفاة ) للزوج الأول بأن عقد عليها وتلذذ بها في حياة الأول أو عقد عليها في حياة الأول وتلذذ بها بعد تمام عدته ، فإن عقد عليها في عدة الأول وتلذذ بها فيها أو بعدها أو عقد عليها في حياة الأول وتلذذ بها في عدته فسخ نكاح الثاني ، وردت لتكميل عدة الأول إن بقي منها شيء ورثته وتأبد تحريمها على الثاني إن تلذذ بها في عدة الأول أو وطئها بعدها وقد عقد فيها ، والصور العقلية عشر لأن عقد الثاني إما في حياة الأول أو في عدته ، فإن كان في حياة الأول فإما أن يتلذذ بها بوطء أو بغيره في حياته أو في عدته أو بعدها .

فهذه ست صور ففي الأوليين والأخيرتين هي للثاني وفي الوسطيين للأول . ويتأبد تحريمها على الثاني إن تلذذ بها فيها بوطء أو غيره ، وإن كان في عدة الأول فإما أن يتلذذ [ ص: 297 ] بها بوطء أو غيره فيها أو بعدها فهذه أربع صور هي فيها للأول ، ويتأبد تحريمها على الثاني فيها إلا إذا تلذذ بها بعدها بغير وطء وبالغ في مفهوم الشرط أي فإن كانت في عدة وفاة الأول فلا تكون للثاني إذا كان عقده في عدة الأول .

بل ( ولو تقدم العقد ) من الثاني على عدة الأول بأن كان في حياته فلا تكون للثاني ( على الأظهر ) عند ابن رشد . الحط اللائق بقاعدة المصنف الإشارة لابن رشد هنا بصيغة فعل لأنه من نفسه لا من خلاف خرجه على مسألة المفقود قاله ابن عرفة . وقال ابن المواز إن عقد الثاني عليها في حياة الأول وتلذذ بها في عدته فهي للثاني ولا ترث الأول بمنزلة عقده وتلذذه في حياته . وبقي شرط ثالث في كونها للثاني وهو أن لا يتلذذ الأول بها قبله . واستشكلت مسألة ذات الوليين من وجهين : أحدهما من جهة تصويرها بأنها إن أذنت لولي في العقد فلا بد من تعيينه الزوج ، وإلا فلها الخيار فإن عين كل من الوليين الزوج الذي أراده فهي للأول مطلقا لعلمها الثاني لأن علمها وعلم الولي الثاني كعلم الزوج الثاني ، وإن لم يعين كل منهما من أراده فلها البقاء على من تريده سواء كان الأول أو الثاني .

وأجيب عنه بحملها على تعيينهما ونسيانها إذنها للأول حين إذنها للثاني أو اتفاقهما في الاسم فظنتهما واحدا أو عقدا لها بالبلد وعرضا عليها العقدين بالقرب ، ورضيت بأحدهما لا معينا ، ولم يذكر المتقدم ولا المتأخر بحيث تعلم ذلك وتعمل به أو عين لها أحدهما قبل العقد والآخر بعده . والوجه الثاني كيف يحكم بها للثاني بشروطه مع تزوجه زوجة غيره ، وجوابه اتباع الإجماع . وحمل خبر أبي داود { أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول } على عدم دخول الثاني بشروطه جمعا بين الدليلين ، قاله في التوضيح .

( وفسخ ) بضم فكسر عقد كل منهما ( بلا طلاق ) للاتفاق على فسادهما ( إن عقدا ) أي الوليان على المرأة لزوجين ( بزمن ) واحد تحقيقا أو ظنا أو شكا أو وهما قاله أبو الحسن على المدونة ، سواء دخلا معا أو أحدهما أو لم يدخل واحد منهما قاله ابن عرفة .

وقال الشارح إن دخل أحدهما فهي له . [ ص: 298 ]

( أو ) عقدا بزمنين وفسخ عقد الثاني ( ل ) شهادة ( بينة ) عليه ( بعلمه ) أي الثاني قبل تلذذه ( أنه ثان ) بلا طلاق ولا يحد قاله القوري ، وتستبرئ منه . ثم ترد للأول قاله المازري ، وكذا علم المرأة أنه ثان ( لا ) ترد للأول ( إن أقر ) الثاني بعد تلذذه بعلمه أنه ثان قبله . ويفسخ نكاحه بطلاق وتكمل عليه المهر لاتهامه بالكذب . وقال عبد الملك بلا طلاق ولا يحد بالأولى ممن قامت عليه بإقراره بعلمه قبله ( أو جهل ) بضم فكسر ( الزمن ) الذي عقد فيه أي لم يعلم المتقدم ولا المتأخر مع تحقق وقوعهما في زمنين فيفسخان بطلاق إن لم يدخل أحدهما ، وإلا فهو أحق بها ونكاحه ثابت هذا مذهب مالك فيها وهو المعتمد نقله الحط عن اللخمي والرجراجي والمواق عن ابن رشد . وقال ابن عبد الحكم يفسخان بطلاق دخلا أو أحدهما أو لم يدخل واحد منهما فالأوضح السابق .




الخدمات العلمية