الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                314 - تقبل شهادة الذمي على مثله إلا في مسائل : فيما إذا شهد نصراني على نصراني أنه قد أسلم ، حيا كان أو ميتا فلا يصلى عليه ، [ ص: 417 ] بخلاف ما إذا كانت نصرانية . 316 -

                كما في الخلاصة 317 - إلا إذا كان ميتا وكان له ولي مسلم يدعيه .

                فإنها تقبل للإرث ويصلى عليه بقول وليه كما في الخانية .

                وفيما إذا شهدا على نصراني ميت بدين وهو مديون مسلم [ ص: 418 ]

                وفيما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم .

                وفيما إذا شهد أربعة نصارى على نصراني أنه زنى بمسلمة ، 319 - إلا إذا قالوا : استكرهها فيحد الرجل وحده ، كما في الخانية [ ص: 419 ]

                وفيما إذا ادعى مسلم عبدا في يد كافر فشهد كافران أنه عبده قضى به فلان القاضي المسلم له كما في البدائع

                التالي السابق


                ( 314 ) قوله :

                تقبل شهادة الذمي على مثله إلى قوله إلا في مسائل فيما إذا شهد . قال في البحر نقلا عن المحيط في تعليل عدم القبول ; لأن في زعمهم أنه مرتد ولا شهادة لأهل الذمة على المرتد . ( انتهى ) .

                قال بعض الفضلاء : هذا التعليل يقتضي عدم القبول في الذمية أيضا ، وقد فرق في الوافي بينهما بأنها لا تقبل في الذمي بخلافها وهذا يعكر عليه عدم قبولها وهو ميت ، وأيضا لا يلزم من القبول القتل بل تقبل للجبر على الإسلام ولا تقبل على الذمية .

                كما هو قول البعض .

                فقد صرح في البزازية نقلا عن نوادر ابن رستم أنه تقبل شهادتهما ولا تقبل فلا يتضح الفرق ، ولأنه فرق بالحكم . وفي الخانية لم ينص على الشهادة على المرأة أنه تقبل شهادة المرأة ، ووضع المسألة في الذمي وعلله بما ذكر في المحيط وفي مشتمل الأحكام نقل في كل من المسألتين ، أي مسألة الذمي ومسألة الذمية وفي شهادة المسلم والمسلمين وشهادة الذميين خلاف فراجعه .

                اللهم إلا أن يقال : إن من قال بعدم القبول ، وهو أبو حنيفة : يقول يلزم من القبول القتل ; لأن البينة حجة متعدية ، ولذا رد أيضا شهادة المسلم والمسلمين ، وقال : لأنا لو قبلنا هذه الشهادة لزم القتل ، ولم يقل أحد بقبول شهادة النساء في القتل فيتجه الفرق ، لكن [ ص: 417 ] ينتقض بالجبر فتحصل أنه على قول الإمام لا تقبل في ذلك شهادة الذميين ولا شهادة المسلم والمسلمتين ، لأنه لو قبلت لزم قتله بخلاف الشهادة عليها بعدم القتل .

                وأما من علل بكونه مرتدا في زعمها ينبغي أن يعدي الحكم إليها كما أن من علله بوجوب القتل ينبغي أن يقصره على الحياة تأمل .

                ( 315 ) قوله :

                بخلاف ما إذا كانت نصرانية .

                قال بعض الفضلاء : وجه الفرق بين قبول الشهادة على المرأة دون الرجل هو أنا لو حكمنا بإسلام الرجل بشهادة الذميين لربما حصل له ردة فكان يقتل ، مع أن الإسلام حينئذ إنما هو بشهادة أهل الذمة بخلاف ما إذا شهدا بإسلام المرأة فإنها وإن ارتدت لا تقتل . ( انتهى ) .

                وفيه كلام يعلم مما قدمنا وبالبيان رقمناه .

                ( 316 ) قوله :

                كما في الخلاصة أي في كتاب ألفاظ الكفر .

                ونص عبارتها : شهد نصرانيان على نصراني أنه قد أسلم وهو يجحد لم تجز شهادتهما .

                وكذا لو شهد رجل وامرأتان من المسلمين ; ويترك على دينه .

                وجميع أهل الكفر في تلك سواء ، ولو شهد نصرانيان على نصرانية أنها قد أسلمت أجبرت على الإسلام ولا تقتل ، وهذا كله قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله .

                وفي نوادر ابن رستم : تقبل شهادة رجل وامرأتين في إسلام رجل نصراني وجبر على الإسلام ولا تقبل في قول أبي يوسف رحمه الله .

                وكذا شهادة النصرانيين على نصراني أنه أسلم .

                وقال محمد رحمه الله : لا تقبل شهادتهما ولا جبر على الإسلام ، كما قال أبو حنيفة رحمه الله .

                ( 317 ) قوله :

                إلا إذا كان ميتا وكان له ولي مسلم يدعيه إلخ .

                لأن هذه شهادة قامت على الورثة وشهادة الكفار على الكفار مقبولة فيستحق إرثه .

                ثم بعده يصلى عليه بقول الولي بالشهادة ، لأنه مسلم شهد على إسلامه ، ولو لم يشهد عليه الكفار وادعى [ ص: 418 ] الولي ذلك يصلى عليه ولا ميراث له ، لما ذكرنا .

                وتمامه في الولوالجية وفي جامع الفتاوى عن النوادر تقبل شهادة نصرانيين على إسلام نصراني ( انتهى ) .

                وهي في ألفاظ الكفر منه فلا فرق بين الذمي والذمية .

                على هذه الرواية قال بعض الفضلاء : والذي اتضح لي في تحرير هذه المسألة بعد النظر في كلامهم أن العلة فيها أنه في زعمهما مرتد ولا تقبل شهادة أهل الذمة على أهل الارتداد ، وهو يقتضي أن الحكم في المرتدة .

                كذلك ويظهر من كلامهم أن في المسألة ثلاث روايات : القبول فيهما وهي رواية النوادر ، وعدمه فيهما وهو الظاهر من كلام المحيط والخانية والولوالجية وكثير ، والثالثة تقبل فيها دونه .

                والذي ظهر لي من الفرق بينهما على هذه الرواية الاحتياط في الفرج للزوم حرمة فرج المرتدة على كل ناكح لا ما ذكره الوافي من لزوم قتله دونها لعدم الملازمة بينهما كما في شهادة المسلم ، والمسلمتين عليه بذلك فتأمل .

                ( 318 ) قوله :

                وفيما إذا شهدا عليه بعين اشتراها من مسلم .

                يعني لما فيه من الشهادة على المسلم وفيما إذا شهد أربعة نصارى أنه زنى بمسلمة يعني ; لأنها شهادة على المسلمة .

                ( 319 ) قوله :

                إلا إذا قالوا : استكرهها فيحد الرجل وحده كما في الخانية

                قال في الخانية : ولو شهد على نصراني أربعة من النصارى أنه زنى بأمة مسلمة فإن شهدوا أنه استكرهها حد الرجل ، وإن قالوا : طاوعته درئ الحد عنهما ويغرر الشهود لحق الأمة المسلمة ; لأن في الوجه الأول لم يشهدوا عليها بالحد فبقيت شهادتهم شهادة على الذمي فتقبل وفي الوجه الثاني شهدوا على المسلمة بالحد فبطلت شهادتهم في حقها وإذا بطلت في جانب المرأة بطلت في حق الرجل وإنما يعذر الشهود ; لأنهم قذفوا الأمة فلعدم إحصان المقذوف لم يجب الحد على الشهود فيجب التعزير . ( انتهى ) .

                ومنه يعلم ما في نقل المصنف من الإيجاز البالغ حد الإلغاز .

                واعلم أن مما لا تقبل فيه شهادة الذمي على مثله شهادتهم على كتاب القاضي إلى القاضي ولو كان لذمي على ذمي ; لأنهم يشهدون على فعل المسلم كما في البحر [ ص: 419 ] قوله :

                وفيما إذا ادعى مسلم عبدا إلخ .

                إلى قوله : قضى به فلان القاضي المسلم .

                أي لأنها شهادة على القاضي المسلم




                الخدمات العلمية