الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 83 ] الحج تطوعا أفضل من الصدقة النافلة

                التالي السابق


                ( 6 ) قوله : الحج تطوعا أفضل من الصدقة النافلة إلخ . قال بعض الفضلاء : أطلق العبارة ولعل المراد أن الحج أفضل من التصدق بقدر الدراهم التي تنفق في الحج وأما أفضليته بالنسبة إلى التصدق ولو بأموال عظيمة مهما بلغت فيحتاج إلى دليل يخصه كما لا يخفى ( انتهى ) .

                أقول ما ترجاه بعض الفضلاء مستفاد من كلام البزازي في جامعه حيث قال الصدقة أفضل من الحج تطوعا . كذا روي عن الإمام . لكنه لما حج وعرف المشقة أفتى بأن الحج أفضل . ومراده أنه لو حج نفلا وأنفق ألفا فلو تصدق بهذه الألف على المحاويج فهو أفضل إلا أن يكون صدقة فليس أفضل من إنفاق ألف في سبيل الله تعالى والمشقة في الحج كلما كانت عائدة إلى المال والبدن جميعا فضل في المختار على الصدقة ( انتهى ) .

                وفي الولوالجية : المختار أن الصدقة أفضل لأن الصدقة تطوعا يعود نفعها إلى غيره والحج لا . أقول الشيء بالشيء يذكر ، وحمل النظير على النظير لما يستذكر أذكرتني رواية أفضلية الصدقة النافلة على الحج التطوع ما ذكره الشيخ محيي الدين بن عربي في كتاب المسامرات بسنده إلى عبد الله بن المبارك أنه قال : كان بعض المتقدمين قد حبب إليه الحج قال : فحدثت أنه ورد الحاج في بعض السنين إلى بغداد فعزمت إلى الخروج معهم إلى الحج فأخذت في كمي خمسمائة دينار وخرجت إلى السوق أشتري آلة الحج ، فبينا أنا في بعض الطريق عارضتني امرأة فقالت يرحمك الله تعالى إني امرأة شريفة ولي بنات عراة واليوم الرابع ما أكلنا شيئا . قال : فوقع كلامها في قلبي فطرحت خمسمائة دينار في طرف إزارها وقلت : عودي إلى بيتك فاستعيني بهذه الدنانير على وقتك ، فحمدت الله تعالى وانصرفت ، ونزع الله من قلبي حلاوة الخروج في تلك السنة وخرج الناس وحجوا وعادوا ، فقلت أخرج للقاء الأصدقاء والسلام [ ص: 84 ] عليهم ، فخرجت فجعلت كلما التقيت صديقا فسلمت عليه وقلت : قبل الله حجك وشكر الله تعالى سعيك ، يقول لي : قبل الله حجك فطال علي ذلك فلما كان الليل نمت فرأيت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في المنام يقول لي يا فلان لا تعجب من تهنئة الناس لك بالحج ، أغثت ملهوفا وأغنيت ضعيفا فسألت الله فخلق الله من صورتك ملكا فهو يحج عنك في كل عام فإن شئت تحج وإن شئت لا تحج




                الخدمات العلمية