الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            القول في شهادة جاحد فروع الدين :

                                                                                                                                            فصل : وأما الفروع : فأصولها كالأصول ، فما علم قطعا من دين الرسول صلى الله عليه وسلم بإجماع الخاصة والعامة عليه ، كوجوب الصلاة وأعدادها ، واستقبال الكعبة بها ، ووجوب الزكاة بعد حولها ، وفرض الصيام والحج وزمانهما ، وتحريم الزنى والربا والقتل والسرقة .

                                                                                                                                            فإن جحد وجوب أحدها ، أو اعتقد في الصلاة نقصانا منها ، أو زيادة عليها ، أو غير الصيام والحج عن زمانهما من تقديم أو تأخير ، أو زاد في القرآن أو نقص منه بعد انعقاد الإجماع عليه ، فهو كافر . لأنه جحد بهذا الخلاف ما هو مقطوع به من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، فصار كالجاحد لصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلا تثبت له عدالة ولا تصح له ولاية ، ولا تقبل له شهادة .

                                                                                                                                            [ ص: 171 ] فصل : وأما الفروع التي ليست بأصول ، فالخلاف فيها على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : في الأداء .

                                                                                                                                            والثاني : في الأحكام .

                                                                                                                                            فأما الخلاف في الأداء المنتحلة ، فهو على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : ما اعتقد به تكفير مخالفه واستباحة ماله ودمه ، كمن يرى من الخوارج بموالاتهم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما تكفير جميع الأمة ، وكالغلاة يرون بمعتقدهم في علي بن أبي طالب عليه السلام ، تكفير جميع الأمة .

                                                                                                                                            يرى الفريقان : بهذا المعتقد أن دار الإسلام دار إباحة في قتل رجالها وسبي ذراريها ، وغنيمة أموالها ، فيحكم بكفر من هذا اعتقاده من الفريقين لأمرين :

                                                                                                                                            أحدهما : لتكفيرهم السواد الأعظم المفضي إلى تعطيل الإسلام ودروسه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، منها واحدة ناجية ، قيل : وما هي ؟ قال : السواد الأعظم " .

                                                                                                                                            والثاني : استباحتهم لدار حرم الشرع نفوس أهلها وأموالهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : " منعت دار الإسلام وما فيها وأباحت دار الشرك وما فيها " .

                                                                                                                                            وقال يوم النحر كلاما شهده الجم الغفير : " ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في سفركم هذا في بلدكم هذا " .

                                                                                                                                            فكانوا أبعد الناس من العدالة وأولاهم برد الشهادة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية