الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما المروءة فقد ذكرنا ما يعتبر فيها من المروءة في العدالة وما لا يعتبر . وليس لما لا يعتبر منها تأثير .

                                                                                                                                            وأما المعتبر منها ، فهو ظاهر في أفعال العدل . فإن عرفه الحاكم عمل فيها بمعرفته . وإن خفيت عليه سأل عنها . وهل تثبت عنده بخبر أو شهادة ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا تثبت عنده . إلا بشهادة ، كالعدالة في الدين ، ولا تثبت إلا بشاهدي عدل قد جرباه على قديم الوقت وحديثه .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنها خبر تثبت بقول من يوثق به وإن كان واحدا ، لأن العدالة في الدين باعثة عليها . فقوي الخبر بها فأقنع .

                                                                                                                                            [ ص: 157 ] وأما كونه من أهل العدالة في الدين فتكون بأربعة أشياء :

                                                                                                                                            ببلوغه ، وعقله ، وإسلامه ، وحريته .

                                                                                                                                            فأما البلوغ ، فإن لم يشتبه حاله فيه لكونه رجلا مشتدا فهو مقطوع به ، وإن اشتبهت حاله فيه ، لكونه رجلا أمرد ، فحكم بحكم الحاكم ببلوغه يكون من أحد أربعة أوجه :

                                                                                                                                            أحدها : أن يظهر عليه شواهد البلوغ بالإثبات ، إذا جعل الإثبات في المسلم بلوغا .

                                                                                                                                            والثاني : أن يعرف الحاكم سنه فيحكم ببلوغه إذا استكمل سن البلوغ .

                                                                                                                                            والثالث : أن يشهد ببلوغه شاهدا عدل فيحكم ببلوغه إذا استكمل سن البلوغ فتكون شهادة لا خبرا .

                                                                                                                                            والرابع : أن يقول الغلام : قد بلغت فيحكم ببلوغه فتكون شهادة بقوله ، لأنه قد يبلغ بالاحتلام الذي لا يعلم إلا من جهته ، لأنه قد تتغلظ أحكامه بتوجه التكليف إليه فكان غير متهم فيه .

                                                                                                                                            وأما العقل فيعلم مشاهدة بظهور نتائجه ، ولا يحتاج إلى بينة إن خفي لإمكان اختباره مع الاشتباه .

                                                                                                                                            حكي أن امرأة حضرت عند شريح في محاكمة ، فقيل له : إنها مجنونة . فقال لها مختبرا : أي رجليك أطول ؟

                                                                                                                                            فمدتهما لتقدرهما ، فصرفها وحكم بعقلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية