الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويحلف الرجل في حق نفسه ، وفيما عليه بعينه على البت ، مثل أن يدعى عليه براءة من حق له ، فيحلف بالله إن هذا الحق - ويسميه - لثابت عليه ، ما اقتضاه ولا شيئا منه ، ولا مقتضى بأمر يعلمه ، ولا أحال به ، ولا بشيء منه ، ولا أبرأه منه ، لا من شيء منه بوجه من الوجوه ، وإنه لثابت عليه إلى أن حلف بهذا اليمين ، وإن كان حقا لأبيه حلف في نفسه على البت ، وفي أبيه على العلم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أراد الحاكم استيفاء يمين توجهت على خصم [ ص: 118 ] في إثبات أو نفي اشتمل شرطها المعتبر في إجزائها وانبرام الحكم بها على فصلين : أحدهما : شرطها في العلم والبت .

                                                                                                                                            والثاني : شرطها في الإثبات والنفي .

                                                                                                                                            فأما الفصل الأول ، وهو شرطها في الحلف بها على العلم والبت ، فاليمين على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن تكون على إثبات .

                                                                                                                                            والثاني : أن تكون على نفي .

                                                                                                                                            فإن كانت على إثبات ، فهي على البت والقطع ، سواء أثبت بها الحالف ما حدث عن فعله أو ما حدث عن فعل غيره .

                                                                                                                                            والحادث عن فعله أن يقول قطعا باتا : والله لقد بعتك داري ، أو اشتريت دارك ، أو أجرتك عبدي ، أو استأجرت عبدك ، أو أقرضتك ألفا ، أو اقترضت مني ألفا ، سواء أضاف ذلك إلى نفسه ، أو إلى خصمه ، لأنه بها تم ، فصار حادثا عن فعله .

                                                                                                                                            وأما الحادث عن فعل غيره ، فهو أن يقول : والله لقد اشترى منك أبي دارك ، أو اشتريت من أبي داره ، أو لقد استأجر منك أبي عبدك ، أو استأجرت من أبي عبده ، أو لقد أقرضك أبي ألفا ، أو لقد اقترضت من أبي ألفا ، فتكون يمين الإثبات لفعله ، وفعل غيره على البت ، والقطع في الحالتين معا ، لأنه على إحاطة علم بفعله ، وما ادعى فعل غيره إلا بعد إحاطته بفعله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية