الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

رؤية إسلامية في قضايا معاصرة

الدكتور / عماد الدين خليل

( 2 )

إن الحكمة، تبدو في كل مفردة إسلامية.. في كل أمر، أو نهي.. في صنوف الحلال والحرام، والمندوب، والمباح، والمكروه.. في نسيج التشريعات والنظم.. في نبض العبادات.. وفي جوهر الآداب، والمعاملات، ومفردات السلوك، التي يريدها هـذا الدين..

إنه ما من صغيرة، أو كبيرة، في الممارسة الإسلامية، إلا وهي تمنح الإنسان المسلم، فردا، وجماعة، أكثر من مردود.. أكثر من كسب أو منفعة..إن على مستوى العقل، أو الروح، أو الوجدان، أو الحس، أو الجسد، أو هـذه جميعا.. [ ص: 92 ] وإن على مستوى العلاقات الاجتماعية، بدءا من خلية التشكل الأولى، للمجتمع الإسلامي : البيت، وانتهاء بالعالم، مرورا بالسوق، والمزرعة، والمصنع، والشارع والحي، والمدرسة، والمؤسسة، والدولة.

إن هـذا ليتأكد، أكثر فأكثر، بمرور الزمن، وتزايد الخبرة البشرية، وتعقيد الحياة الحضارية، وتشابك مؤسساتها ومعطياتها، وتأزم وضع الإنسان في العالم.. وهو يتأكد بصيغتي الإيجاب، والسلب على السواء. فإن الموقف، أو الحل، أو التصميم الإسلامي، يثبت أحقيته، وتميزه، وتفوقه، يوما بعد يوم، من خلال التجربة والممارسة على سطح الأرض، وفي الميدان.. وبالمقابل تتساقط المواقف، والحلول، والتصاميم الوضعية، بسبب من عجزها وقصورها، وما تتضمنه من تناقضات، سواء كانت هـذه المواقف، والتصاميم، في هـيئة خبرات تجريبية واقعية، أو وفق أنساق فلسفية وأيديولوجية.. هـذا التساقط الذي أتى، ولا يزال، على كل المحاولات الوضعية، بدءا من أصغر ممارسة، وأدق جزئية، وانتهاء بتهاوي تصاميم أيديولوجية ضخمة، كالرأسمالية، والشوفينية، والوجودية، وأخيرا الشيوعية، على الامتداد المذهل لبعضها، في الزمن والمكان، وانتشارها الواسع بين الجماهير.

وعلى العكس مما كان قد خيل لبعضهم - غفلة أو قصدا - فإن مرور الزمن يجيء لصالح هـذا الدين.. لإعلان مصداقيته، في سائر شؤون الحياة، وتأكيد أحقيته في حكمها، والإشراف على صيرورتها الدائمة.. إن المستقبل لهذا الدين، رغم، أو مع، أو بسبب، من كل المتغيرات، والنسبيات، التي يشهدها العالم، أو يتحرك إليها في الأفق القريب، أو البعيد.

التالي السابق


الخدمات العلمية