الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معلومات الكتاب

رؤية إسلامية في قضايا معاصرة

الدكتور / عماد الدين خليل

المـسـتقبل لـهـذا الـديـن

( 1 )

يوما بعد يوم، ومن خلال حشود الممارسات، والخبرات اليومية المعاشة، على مستوى النفس والمجتمع، يزداد المرء إيمانا، بأحقية هـذا الدين في حكم الحياة.

بدءا من معاملة العقل، للنفس، والروح للجسد، داخل الذات المؤمنة، ومعاملة الزوج للزوجة، والأب للأطفال، وتلك وهؤلاء، للزوج والأب، داخل البيت المسلم، ومعاملة الجار للجار، والأخوة للأخوة، داخل الحي المسلم، ومعاملة البائع للمشتري، والمشتري للبائع، داخل السوق المسلم، ومعاملة صاحب العمل للعامل، داخل المصنع المسلم، ومعاملة الموظف للمراجع، داخل المؤسسة الإسلامية، ومعاملة المدرس، والعالم، والمفكر، للطلبة والمتلقين، داخل الحلقة الثقافية الإسلامية، ومعاملة القيادة للجماهير، داخل الدولة المسلمة، ومعاملة المجتمع المسلم للمجتمعات الأخرى في نطاق العالم.

بدءا من معاملة زوجتي،وابني، وقريبي، وجاري، وانتهاء بآخر نقطة، على حدود العالم، حيث تنهار الشيوعية، واحدة، من أشد المذاهب عداء للمنظور الديني، للكون والحياة والإنسان.. مرورا بكل الممارسات الواقعية.. كل المفردات اليومية.. كل التفاصيل، التي تتشكل في البيت، والشارع، والحي، والسوق، والمصنع، والمؤسسة، والمدرسة، والدولة، والتي تؤكد، بما لا يقبل لجاجة أو جدلا، عجز القدرة البشرية، الوضعية، المرتجاة، عن بلوغ صيغتها المثلى، المنسجمة تماما مع الإنسان، المتطابقة مع وضعه البشري.. والتي تؤكد في المقابل، تفرد هـذا الدين، القادم من الله سبحانه، في تصميمها، وهندستها، بإعجاز باهر، مع مطالب الإنسان.

يوما بعد يوم، ومن خلال ضغط التجربة ومطالبها، يزداد المرء اقتناعا بتفوق هـذا الدين، وقدرته العجيبة، على موازنة كل الضغوط، والاستجابة لكل [ ص: 91 ] المطالب، بما يجعل الإنسان، في ممارساته كافة، يقف في حالة التوازن، والانسجام، والتوحد، والقدرة على العطاء، والإبداع.

يوما بعد يوم، وعبر تساقط كل المذاهب القاصرة، والدعاوى الباطلة، والمبادئ الجائرة، والأيديولوجيات الكافرة، والطوباويات الحالمة، السابحة في الفضاء، والأديان المحرفة، والخطط والمشاريع الفاشلة، يتبين أكثر فأكثر، أنه ما من مذهب، ولا دعوة، ولا مبدأ، ولا أيديولوجية، ولا خطة، أو مشروع، أو مثال، كهذا الدين، قدرة على صياغة حياة، أكثر سعادة، ورفاهية، وبشاشة، وتفاؤلا، وأملا..

يوما بعد يوم، ومن خلال ما يجري في الميدان - كما يقولون - أو على السطح المنظور، للسعي البشري.. يتبدى أكثر فأكثر، أن الكل باطل الأباطيل، وقبض الريح، وأنه ليس ثمة سوى كلمة الله الأخيرة، متمثلة في هـذا الدين، الذي ارتضاه سبحانه لبني آدم، وبعث به رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم هـدية كبرى للإنسان: دينا متكاملا، وشريعة سمحة عادلة، ونظاما قديرا على التشكل، في قلب الفعل البشري: في الذات.. في البيت.. في الحي.. في الشارع.. في المصنع.. في السوق.. في المؤسسة.. في الدولة.. وفي مدى العالم، من أقصاه إلى أقصاه..

التالي السابق


الخدمات العلمية