الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        المنهج النبوي والتغيير الحضاري

        برغوث عبد العزيز بن مبارك

        إنسان المنهج النبوي

        إن المنهج النبوي وهو يتحرك لبناء المشروع القرآني، انطلاقا من بناء الإنسان، يضع في اعتباره نموذج هـذا الإنسان، الذي يفترض فيه التأهل لحمل أعباء الاستخلاف في الأرض.

        فإنسان السنة النبوية، مسئول في كل ساحة يتواجد فيها ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) [1] ومجد في النهي عن المنكر، والأمر بالمعروف، طبقا لسنن الدعوات، وقوانين البلاغ المبين: ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ) [2] ومتق لله سبحانه وتعالى في كل موقع، ومخالق للناس بخلق حسن: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن ) [3] .

        فهو الساعي في الأرض، والضارب في مناكبها باحثا عن رزقه، وقوته. تجده هـناك في ساحات الحضارة، يحتطب من قيمها، وأخلاقها، وعلومها ومدنيتها، ومعاشها: ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه ) [4] . ( أطيب ما أكل الرجل من كسبه ) [5] . [ ص: 143 ]

        وهو الكيس، الفطن، الذكي، والمتحرز الحذر، المنتبه: ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) [6] وليس بماكر، خداع، وغشاش، غير مؤتمن: ( من غشنا فليس منا ) [7] .

        نزاع إلى الأدب، والخلق الحسن، والجمال: ( إن الله جميل يحب الجمال ) [8] والمسلم يمثل مع إخوانه عضوية متماسكة، وبناءا منسجما مرصوصا: ( المؤمن كرجل واحد، إن اشتكى رأسه اشتكى كله، وإن اشتكت عينه اشتكى كله ) [9] فهم كلهم متعاونون، ومتراحمون، لا يحبون الظلم، ويفرجون كرب بعضهم بعضا: ( المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يسلمه.. من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرج على مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما، ستره الله يوم القيامة ) [10] كما أنهم متحابون: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) [11] وجارهم محفوظة حقوقه، ومحترمة محارمه: ( والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن.. قيل: ومن يا رسول الله ؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه ) [12] وجماعتهم لا تجتمع على الضلالة والظلم: ( ما كان الله ليجمع هـذه الأمة على ضلالة أبدا ) [13] ولا يتخلفون عن المشورة إذا استدعتها الظروف.. ويجاهدون في سبيل الله: ( إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ) [14] . [ ص: 144 ]

        وإنسان الاستخلاف كذلك، متوازن في حياته، يربط بين الدنيا والآخرة، ويعرف وظيفة، وموقع كل واحدة في حياته ووجوده.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية