الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        المنهج النبوي والتغيير الحضاري

        برغوث عبد العزيز بن مبارك

        المنهج النبوي وبناء إنسان الاستخلاف

        إننا عندما نتأمل الجهد النبوي، نجده فعلا انصب حول بناء هـذا الإنسان النموذجي بمختلف صوره.. حيث وجدنا الرسول صلى الله عليه وسلم وفر الجو الملائم لبناء الإنسان الخليفة، والداعية، والعالم، والمبلغ، والعسكري والسياسي، والمجاهد، والقاضي، والتاجر، والفيلسوف، والمترجم، والطبيب، والمالي، والجمهور المسلم الواعي، الذي يدافع عن الإسلام، ويذود عنه في ساعات الخطر الداهم، كما كان الحال في حروب الردة، وفي الهجمة التتارية على العالم الإسلامي. وهذا الإنسان المنسجم مع الخطاب الإلهي، هـو الذي بنى المجتمع الإسلامي العادل.. وشيد ثقافته الحضارية التوحيدية..

        إن إنسان الاستخلاف هـو الإنسان، الذي يتطابق مع الخطاب الإلهي، ويستجيب لنداء الإسلام، ويمارس وظائفه الأساسية في: العبادة، والإعمار، والإنقاذ، والتعارف، ويسعى دوما إلى إيجاد الشروط التي تأهله لتقديم الإسلام للناس، وتوفير الوسط الذي تعيش فيه تعاليمه، وتشريعاته، وتسمو فيه ذات الإنسان، وتتكرم، وتتصارع فيه الحسنة مع السيئة، فتغلبها الحسنة.

        إن إنسان الاستخلاف الذي شاده النبي عليه الصلاة والسلام ، هـو من هـذا الطراز الذي دفع بمشروع الإسلام إلى عالم الحضارة، حيث رابط هـذا المجتمع في التاريخ أكثر من عشرة قرون كاملة.. ساهم خلالها في إثراء مسيرة الإنسانية بالعلم، والمنجزات الحضارية المتنوعة، التي ساعدت في وقت لاحق، الكثير من الأمم لتعيد بناء ذاتها الحضارية، مثل الأمة المسيحية.

        فإنسان الاستخلاف هـو الذي دفع بالمجتمع الإسلامي الوليد إلى عالم (الابتغاء الحضاري) ، وعندما توقفت رسالة هـذا الإنسان، ولم تستطع الأجيال [ ص: 142 ] المتعاقبة تجديد العهد بهذه النوعية من البشرية الراقية، نزل المجتمع إلى مستوى دون المستوى الأول.. وتغير الإنسان غير الإنسان الأول، وجاء (إنسان التولي الحضاري) الذي فتح عهد (التخلف الحضاري) في المجتمع الإسلامي.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية