الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        عمليات الربط وشبكة العلاقات الاجتماعية

        مرحلة الربط الأولى، كانت حاسمة في حياة الدعوة بأكملها، كانت حاسمة في حياة الدعوة بأكملها، لدقتها وخطورتها، لأنها كانت تواجه الجاهلية في أعز ما تملك.. تواجهها في أصنامها وفي دنياها المطلقة. وهذه المواجهة باللغة الاجتماعية، تعني استقطاب عالم الأشخاص الذي كان ينتمي إلى المجتمع الجاهلي، وربطه بالمجتمع الإسلامي الوليد، وهذا الذي ظهر من خلال حركة النبي عليه الصلاة والسلام ، من أجل بناء قاعدة بشرية، ترتبط بأهداف الإسلام الحضارية، وتقتنع برسالة ومشروع هـذه العقيدة الجديدة. فهذا العمل هـو مخاطبة للعقول، ومحاورة للأذهان، والثقافات، والتقاليد، والعادات، كيما تنتقل من طورها الجاهلي إلى طورها الإسلامي، وذلك عن طريق عمليات الربط الحضاري. وهذا فعلا ما أنجز في فترة قصيرة حيث وجدنا جماعة، تشتمل ضمن صفوفها على مختلف شرائح المجتمع، وطبقاتها، بما فيها: السيد والعبد، والعالم والأمي، الغني والفقير، الصبي والشيخ، التاجر والفلاح، الراعي والصانع، الطبيب والعسكري.. فكل هـؤلاء - ( نساءا ورجالا ) - أصبحوا موضوعات للدعوة، والربط الحضاري، فهم الذين كانوا بمثابة الزاد الذي غذى جنين الحضارة الإسلامية، وصنع تاريخها.

        من هـنا نستطيع أن نؤكد بأن الغاية الأساسية لعمليات الربط الحضاري، هـي: بناء شبكة علاقات رسالية، يتواجد فيها: العالم، والمعلم، والمتعلم.. والداعي، والمفكر، والمثقف.. والصناعي، والزراعي، والحرفي.. والجمهور المسلم الواعي، ويتحرك هـؤلاء في تناسق، وتناغـم، وانسجـام من أجـل تحقيق رسالتهم الحضارية، ذلك لأن (أول عمل يؤديه مجتمع معين في طريق تغيير نفسه، مشروط باكتمال هـذه الشبكة من العلاقات، وعلى هـذا الأساس نستطيع [ ص: 126 ] أن نقرر: أن شبكة العلاقات، هـي العمل التاريخي الأول، الذي يقوم به المجتمع ساعة ميلاده) [1] .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية