الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والحال الثانية : أن يكون تاريخ البينتين واحدا ، فتشهد بينة أحدهما أنه باع عليه ثوبه هذا بألف ، مع زوال الشمس من يوم السبت ، وتشهد بينة الآخر أنه باع عليه ثوبه هذا بألف في ذلك الزمان بعينه ، مع زوال الشمس من يوم السبت ، فقد تكاذبت البينتان فتعارضت لاستحالة أن يكون كل الثوب ملكا لكل واحد من البائعين في وقت واحد ، وبيعه كل واحد منهما عليه في وقت واحد ، فكان تعارضهما مع التكاذب محمولا على الأقاويل الثلاثة في تعارض البينتين :

                                                                                                                                            أحدهما : إسقاطهما بالتعارض ولا يتعين به حرج أحدهما بالتكاذب ثم رجع بعد إسقاطهما إلى قول صاحب اليد ، فإن كذبهما حلف لهما ، وبرئ من مطالبتهما ، وإن [ ص: 362 ] صدقها ، حكم عليه لكل واحد بثمنه ، فيلزمه لهما ثمنان ، لإمكان ابتياعه من كل واحد منهما ، وإن صدق أحدهما ، وكذب الآخر ، لزمه ثمنه للمصدق ، وحلف المكذب ، وبرئ بيمينه ، وإن نكل عنها ردت على المكذب ، وحكم له عليه بالثمن إذا حلف ، فيصير ملتزما لثمنه في حق الأول بإقراره ، وملتزما بثمنه في حق الثاني بيمينه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : الإقراع بين البينتين ، والحكم لمن قرع منهما ، ويبطل حكم المقروعة بالقارعة ، وفي إحلاف من قرعت بينته قولان : يحلف في أحدهما إن جعلت القرعة مرجحة للدعوى ، ولا يحلف في القول الآخر إن جعلت مرجحة للبينة .

                                                                                                                                            والقول الثالث : استعمال البينتين ، وقسم الثوب المبيع بينهما نصفين ، فيصير كل واحد منهما بائعا لنصفه بنصف الثمن ، فيكون الثمن بينهما ، كما جعل الثوب بينهما ، ولا خيار لمشتريه لأن الصفقة لم تتبعض عليه ، وإنما تبعضت في حق بائعه فإن طلب كل واحد من البائعين ، إحلاف المشتري بعد استعمال البينتين كان له إحلافه ، لأنه لو صدقه لزمه دفع الباقي من ثمنه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية