الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الثالث : أن يقيم بعضهم على شهادته ، ويرجع بعضهم عن شهادته ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن لا يزيد الشهود على عدد البينة ، كاثنين شهدا على رجل بالقتل فقتل ، ثم رجم أحدهما ، أو أربعة شهدوا على رجل بالزنا فرجم ثم رجع أحدهما ، فلا [ ص: 259 ] ضمان على المقيم على شهادته ، والراجع عنها ضامن يسأل عن حاله ، فإن قال : أخطأت ضمن قسطه من الدية ، فإن كان واحدا من اثنين في قتل ضمن نصف الدية ، وإن كان واحدا من أربعة في الزنى ضمن ربع الدية .

                                                                                                                                            وإن قال : عمدت ، سئل عن من لم يرجع من شركائه في الشهادة ، فإن قال :

                                                                                                                                            أخطأ ، فعليه قسطه من الدية ، وإن قال : عمدوا ، فعليه القود .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يزيد الشهود على عدد البينة ، كثلاثة شهدوا على رجل بالقتل فقتل ، أو خمسة شهدوا على رجل بالزنى فرجم ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يرجع من زاد على عدد البينة ، لرجوع الثالث في شهادة القتل والخامس في شهادة الزنا ، فلا قود عليه لوجوب القتل والرجم بشهادة الباقين ، ولا يجوز أن يستحق القود في قتل قد وجب ، وأما الدية ففيها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا شيء عليه منها تعليلا بهذا المعنى .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : عليه قسطه من الدية ، لأنه مقر بعد ، وأن يوجب الضمان ، فإن كان واحدا من ثلاثة في القتل ضمن ثلث الدية ، وإن كان واحدا من خمسة في الزنى ضمن خمس الدية ، ويكون ذلك مغلظا حالا إن عمد ، ومخففا مؤجلا إن أخطأ .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يرجع في الشهادة من ينقص به عدد الباقين عن البينة ، كثلاثة شهدوا على رجل بالقتل فرجع منهم اثنان ، أو خمسة شهدوا على رجل بالزنى فرجع منهم اثنان ، فهاهنا يجب القود على الراجعين إن عمدوا وأقروا بعمد من لم يرجع ولا شيء على من لم يرجع لأن القتل لم يجب إلا بشهادة جميعهم وإن أخطأ الراجعان ضمنا الدية وفي قدر ما يضمنان منها وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : يضمن الاثنان من الثلاثة في القتل ثلثا الدية ، لأنهما اثنان من ثلاثة ، ويضمن الاثنان من الخمسة في الزنى خمسا الدية ، لأنهما اثنان من خمسة اعتبارا بأعدادهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يضمن الاثنان من الثلاثة في القتل نصف الدية ، لبقاء الواحد الذي هو نصف البينة ، ويضمن الاثنان من الخمسة في الزنا ربع الدية لبقاء الثلاثة الذين هم ثلاثة أرباع البينة ، اعتبارا بعدد البينة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية