الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ القول في اعتبار العدد بحسب الأحكام ] .

                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، انتقل الكلام إلى اعتبار العدد في شهود الفرع ، وهو معتبر بالعدد في شهود الأصل ، والعدد المعتبر في الشهادة على أربعة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون مما لا يثبت إلا بالشاهدين . كالنكاح ، والطلاق ، والقصاص ، والعتق ، والنسب ، ففي العدد المعتبر في شهود الفرع قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : شاهدان يتحملان عن كل واحد من شاهدي الأصل ، إذا جعل ثبوت الحق بشهود الأصل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أربعة يشهد على كل واحد من شاهدي الأصل اثنان إذا جعل ثبوت الحق بشهود كالفرع .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون مما يثبت بشاهد وامرأتين كالأموال ، ففي العدد المعتبر في شهود الفرع قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : شاهدان يتحملان عن كل واحد من الرجل والمرأتين ، إذا جعل ثبوت الحق بشهود الأصل .

                                                                                                                                            والقول الثاني : ستة يتحملون كل اثنين منهم عن واحد من الثلاثة ، إذا جعل ثبوت الحق بشهود الفرع .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : أن يكون مما لا يثبت إلا بأربعة رجال كالشهادة على الزنا ، فإن قيل : إن الشهادة على الشهادة في حقوق الله تعالى لا تجوز ، لم يجز تحمل الشهادة فيها .

                                                                                                                                            وإن قيل بجوازها في حقوق الله تعالى كجوازها في حقوق الآدميين ، كان عدد الشهود معتبرا بأصلين ، في كل واحد من الأصلين قولان .

                                                                                                                                            أحد الأصلين : في شاهدي الفرع إذا شهدا على كل واحد من شهود الأصل ، هل يجوز أن يشهدا على غيره منهم ؟ وفيه قولان :

                                                                                                                                            والأصل الثاني : أن الإقرار بالزنا ، هل يثبت بشاهدين أو لا يثبت إلا بأربعة كالشهادة على فعل الزنا ؟ وفيه قولان لأن تحمل الشهادة كالإقرار فصار باجتماع هذين الأصلين في عدد شهود الفرع أربعة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها . : اثنان يتحملان عن كل واحد من الأربعة ، إذا جعل شاهدي الفرع أن

                                                                                                                                            [ ص: 234 ] يتحملا عن كل واحد من شهود الأصل ، وجعل ثبوت الإقرار بالزنا بشاهدين .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن شهود الفرع فيه أربعة أقاويل إذا قيل : إن الإقرار بالزنا لا يثبت إلا بأربعة ، وجعل لشهود الفرع أن يتحملوا عن كل واحد من شهود الأصل .

                                                                                                                                            والقول الثالث : أن شهود الفرع فيه ثمانية ، إذا قيل : إنه لا يتحمل شهود الفرع إلا عن واحد من شهود الأصل وقيل : إن الإقرار بالزنا يثبت بشاهدين .

                                                                                                                                            والقول الرابع : أن شهود الفرع فيه ستة عشرة ، إذا منع شهود الفرع من أن يشهدوا إلا عن واحد ، وقيل : إن الإقرار بالزنا لا يثبت إلا بأربعة ليشهد كل أربعة عن كل واحد من الأربعة .

                                                                                                                                            والضرب الرابع : ما يكون ثبوته بأربع نسوة كالولادة ، والاستهلال ، والرضاع وعيوب النساء الباطنة ففي عدد الشهود في الفرع قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : اثنان يتحملان عن كل واحدة من النسوة الأربعة .

                                                                                                                                            والقول الثاني : ثمانية يتحمل كل اثنين منهم عن واحدة من النساء الأربعة . والله أعلم بالصواب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية