الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الفصل الثاني في اللعب بالحمام : فمذهب مالك ترد به الشهادة من غير تفصيل .

                                                                                                                                            وعلى مذهب الشافعي ينقسم على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : ما ترد به شهادته ، وهو ما يخرج به إلى السفاهة ، إما بالبذلة في أفعاله ، وإما بالخنا في كلامه ، والسفاهة خروج عن العدالة ، ترد بها الشهادة ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسعى بحمامة ، فقال : " شيطان يتبع شيطانة " .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : ما لا ترد به الشهادة ، وهو ما كان به محفوظ المروءة لاتخاذها إما للاستفراخ ، وإما لحمل الكتب إلى البلاد ، وإما للأنسة بأصواتها ، فيكون على عدالته وقبول شهادته .

                                                                                                                                            وروى عبادة بن الصامت أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحدة ، فقال : " اتخذ زوجا من حمام " .

                                                                                                                                            ولأنها تسمد كما تسمد المواشي .

                                                                                                                                            والضرب الثالث : ما اختلف في رد الشهادة به .

                                                                                                                                            وهو أن يتخذه للمسابقة به ، وفيه وجهان ، بناء على ما قدمناه من اختلاف الوجهين في قوله : لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل .

                                                                                                                                            فإن جعل في أحد الوجهين أصلا ، قيس عليه إباحة السبق بالحمام ، فلم يخرج به من العدالة ولم ترد به الشهادة .

                                                                                                                                            وإن جعل في الوجه الثاني ، استثناء من جملة محظور لم يقس عليه السبق بالحمام ، فخرج به من العدالة وردت به الشهادة .

                                                                                                                                            فإن اقترن به بعوض كان حراما ، وإن تجرد عن العوض كان سفها .

                                                                                                                                            وأما قول الشافعي : واللاعب بالشطرنج والحمام أخف حالا .

                                                                                                                                            [ ص: 182 ] ولم يذكر ما صار به أخف حالا منه . فقد ذكره الشافعي في الأم ، وحذفه المزني اختصارا . فقال : أخف حالا من الاختلاف في فروع الدين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية