الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وعارضهم الشافعي بهذا الفصل الخامس ، فقال : وقد أجزتم شهادة أهل الذمة ، وهم غير الذين شرط الله تعالى أن تجوز شهادتهم ، ورددتم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليمين مع الشاهد ؟ يعني أن الله تعالى شرط : ممن ترضون من الشهداء ، [ البقرة : 282 ] . وليس الكفار بمرضيين ، ولا يجعلونه مخالفا للنص ، ويجعلون القضاء باليمين مع الشاهد ، وليس بمخالف للنص ، مخالفا للنص ، فأجابوه بما حكاه عنهم أن قالوا : إنما أجزنا شهادة أهل الذمة ، بقول الله تعالى : أو آخران من غيركم " [ المائدة : 106 ] . فأبطل جوابهم من أربعة أوجه :

                                                                                                                                            الأول : أن قال : سمعت من أرضى بقوله : " من غير قبيلتكم من المسلمين " ولئن تردد التأويل بين احتمالين من غير أهل دينكم ، ومن غير أهل قبلتكم فحمله على غير أهل القبيلة ، لموافقة النص - أولى من حمله على غير أهل الدين لمخالفة النص مع قوله : تحبسونهما من بعد الصلاة [ المائدة : 106 ] .

                                                                                                                                            والثاني : أنها نزلت في العرب ، وكفارهم مشركون لا يقبل أبو حنيفة شهادتهم ، وإنما يقبل شهادة أهل الذمة والكتاب .

                                                                                                                                            والثالث : أنها نزلت في وصية مسلم ، وأبو حنيفة لا يجيز شهادة أهل الكتاب لمسلم ، ولا عليه ، وإنما يجيزها لبعضهم على بعض ، فإنه منع منها في المسلم مع مجيء القرآن بها ، لأنها منسوخة عنده ، ورد شهادة أهل الشرك عموما ، وفي أهل الكتاب لمسلم ، وعلى مسلم .

                                                                                                                                            فاعترض عليه الشافعي ، فقال : " بماذا نسخت ؟ فقال : بقول الله تعالى : ممن ترضون من الشهداء [ البقرة : 282 ] ، فأجابه الشافعي عنه ، فقال : زعمت بلسانك [ ص: 106 ] أنك خالفت الكتاب إذ لم يجز الله إلا مسلما ، وأجزت كافرا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية