الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن كان فيهم معتوه وقف حقه حتى يعقل فيحلف أو يموت فيقوم وارثه مقامه فيحلف ويستحق ولا يستحق أخ بيمين أخيه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا كان في الورثة الذين أقاموا بدين ميتهم شاهدا واحدا - معتوه ، أو طفل لم يستحق شيئا بيمين من طفل كما لم يستحق البالغ العاقل إذا لم يحلف ، ولا يجوز أن يستحلف المعتوه والطفل ، لأنه لا حكم لأيمانهما ، ولا يجوز أن يحلف وليهما ، لأنه لا يثبت لأحد حق يمين غيره ، ولأن النيابة في الأيمان لا تصح ، ويكون حق المعتوه والطفل موقوفا على إفاقة المعتوه ، وبلوغ [ ص: 81 ] الطفل ، ليحلفا بعد العقل والبلوغ ويستحقا ، ويكون تصرف المدعى عليه فيما يستحقان بأيمانهما نافذا ، سواء كان دينا ، أو يمينا ، لأنه لم يثبت لهما بالشاهد قبل اليمين حق يوجب وقفه وإنما الوقف متوجه إلى الحكم بالحق ، إن حلفا وليس عليهما قبل اليمين حق يوقف عليهما ، وإن حكم باستحقاق الحالفين من شركائهما ، فلا وجه لما وهم فيه بعض أصحابنا ، أنه يوقف الحق عليهما فإن ماتا قبل البلوغ ، والعقل قام ورثتهما مقامهما في اليمين ، فيحلف الورثة في حقوق أنفسهم لأنهم ورثوا استحقاق اليمين التي يستحق بها الدين ، ويصيرون مالكين لحقوقهم من الدين بأيمانهم عن المعتوه والطفل ، فإن كان على المعتوه والطفل دين قضي منه ، ولو كان على الميت الأول دين قضي منه بقدر حق المعتوه والطفل ، فلو اجتمع في هذا السهم دينان ، دين على الميت الأول ، ودين على المعتوه والطفل ، قضي الدينان منه ، فإن ضاق السهم عنهما قدم دين الميت الأول على دين المعتوه ، والطفل ، لأنهما يرثان ما بقي بعد قضاء الدين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية