الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا جاز له النظر إلى وجهها ، ليعرفها في الشهادة لها وعليها ، فقد اختلف الناس فيما يجوز أن ينظر من وجهها ، فالذي عليه جمهور الفقهاء أنه يجوز أن ينظر إلى جميع وجهها : لأن جميعه ليس بعورة ، واختلف القائلون بهذا في جواز النظر إلى كفيها ، فجوزه بعضهم تعليلا بأنه ليس بعورة ، ومنع منه أكثرهم لاختصاص المعرفة بالوجه دون الكفين ، وقال آخرون : لا يجوز أن ينظر إلى جميع وجهها ، وينظر منه إلى ما يعرفها به .

                                                                                                                                            وقال آخرون : إن كانت شابة نظر إلى بعض وجهها ، وإن كانت عجوزا نظر إلى جميعه .

                                                                                                                                            وقال آخرون : إن كانت ذات جمال نظر إلى بعضه ، وإن كانت غير ذات جمال نظر إلى جميعه تحرزا من الافتتان بذات الجمال .

                                                                                                                                            والصحيح من اختلاف هذه الأقاويل أن له أن ينظر إلى ما يعرفها به ، فإن كان لا يعرفها إلا بالنظر إلى جميع وجهها جاز له النظر إلى جميعه ، وإن كان يعرفها بالنظر إلى بعض وجهها لم يكن له أن يتجاوزه إلى غيره ، ولا يزيد على النظرة الواحدة إلا أن لا يتحقق إثباتها إلا بنظرة ثانية ، فيجوز له النظرة الثانية ، ومتى خاف إثارة الشهوة بالنظر كف ، ولم يشهد إلا في متعين عليه بعد ضبط نفسه ، وإن كانت في نقاب عرفها فيه لم تكشفه ، وإن لم يعرفها فيه كشفت منه ما يعرفها به ، ولا يعول على معرفة الكلام لأنه قد يشتبه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية