الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الملك المطلق ، فيثبت بسماع الخبر الشائع المتظاهر بسمع الناس على اختلافهم يقولون : هذا الدار لفلان ، وهذه الضيعة لفلان ، وهذه الدابة لفلان ، وهذا العبد لفلان ، وهذا الثوب لفلان ، ويتكرر ذلك منهم على مرور الزمان ، لا يرى فيهم منكر لذلك ، ولا منازع فيه فتصح الشهادة بهذا الخبر المتظاهر بالملك دون سببه ، لأن أسباب الملك كثيرة تختلف ، فتكون تارة بالشراء ، وتارة بالميراث ، وأخرى بالهبة ، وأخرى بالوصية ، وأخرى بالإحياء ، وأخرى بالغنيمة ، فلما تنوعت أسبابه ، جاز إذا تظاهرت به الأخبار أن يشهد له بالملك المطلق دون سببه الذي صار به مالكا ، لأن السبب يعلم بالمشاهدة ، فلم يجز أن يعمل فيه على الخبر المتظاهر ، وإن جاز أن يشهد بالملك المتظاهر إلا أن يكون سبب ملكه الميراث ، فيجوز أن يشهد فيه بالخبر [ ص: 27 ] المتظاهر ، لأن الميراث مستحق بالموت والنسب ، وكل واحد منهما يثبت بالخبر المتظاهر ، ولا يجوز فيما عداه من الأسباب ، كالشراء ، والهبة ، والإحياء ، لأنها تعلم بالمشاهدة ، واختلف أصحابنا مع تظاهر الخبر بملكه ، هل يصح أن يشهد به من غير أن يراه متصرفا فيه على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يصح حتى يشاهد تصرفه فيه ، فيجمع الشاهد في العلم به بين السماع والمشاهدة ليصل إليه من أقصى جهاته الممكنة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أكثرهم يجوز أن يشهد بسماع الخبر المتظاهر ، وإن لم يشاهد التصرف ، لأن الخبر المتظاهر أنفى للاحتمال من التصرف الذي قد يجوز أن يكون بملك وغير ملك ، وأصل الخبر المتظاهر فيه أن يكون من العدد المعتبر في التواتر ، ووهم أبو حامد فاعتبره بشاهدين على ما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية