الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( وإن كان ) الرجوع ( عن تجريح ) شاهدي طلاق أمة من زوجها ( أو ) عن ( تغليظ شاهدي طلاق أمة ) من زوجها أي إذا شهد شاهدان بطلاق أمة قبل الدخول أو بعده فحكم الحاكم بالفراق وسيدها مصدق على الطلاق ثم شهد اثنان بتجريحهما أو بتغليظهما بأن قالا غلطتما في شهادتكما وإنما التي طلقت غيرها أو قالا سمعنا شاهدي الطلاق يقران على أنفسهما بالغلط وماتا أو غابا أو أنكرا إقرارهما بالغلط [ ص: 213 ] فحكم الحاكم برجوعها لعصمة زوجها ثم رجعا عن تجريحهما أو تغليطهما ( غرما للسيد ما نقص ) من قيمتها ( بزوجيتها ) أي بسبب عودها لزوجها إذ رجوعها له ثانيا عيب فتقوم بلا زوج ومتزوجة ويغرمان ما بين القيمتين وقولنا وسيدها مصدق احترازا من إنكاره فلا غرم عليهما له وقوله أمة احترازا من الحرة فلا غرم عليهما إذ لا قيمة لها ( ولو كان ) رجوعهما عن شهادتهما ( بخلع ) أي خلع امرأة ( بثمرة لن تطب أو آبق ) أو بنحو ذلك من كل غرر يصح الخلع به ( فالقيمة ) يغرمانها للزوجة ( حينئذ ) أي حين الخلع ولا ينتظر طيب الثمرة ولا عود الآبق كما يأتي وهو متعلق بالقيمة لما فيها من رائحة الفعل أو بمحذوف أي معتبرة حينئذ أي على الصفة التي عليها الثمرة وقت الخلع والتي عليها الآبق وقت ذهابه على الرجاء والخوف كالإتلاف أي كمن أتلف ثمرة لم تطب أو غيرها فإنه يغرم قيمتها يوم الإتلاف على الرجاء والخوف ( بلا تأخير للحصول ) أي طيب الثمرة وعود الآبق فيغرم بالنصب في جواب النفي أي لا يؤخر حتى يغرم القيمة حينئذ أي حين الحصول فالقيمة الأولى مثبتة والثانية منفية فلم يتواردا على شيء واحد فلا تكرار كما قيل نعم لو حذف فيغرم . . . إلخ كان أخصر وأوضح وقوله ( على الأحسن ) متعلق بالمثبت أي فالقيمة حين الخلع على القول الأحسن ومقابله يوم الحصول وهو الذي نفاه

التالي السابق


( قوله شاهدي طلاق أمة ) تنازعه تجريح وتغليظ فهو نظير قول العرب قطع الله يد ورجل من قالها وقول الشاعر :

يا من رأى عارضا أسر به بين ذراعي وجبهة الأسد

وهو المشار له بقول ابن مالك :

ويحذف الثاني فيبقى الأول كحاله إذا به يتصل
بشرط عطف وإضافة إلى مثل الذي له أضفت الأولا

( تنبيه ) الظاهر أن العبد كالأمة لقلة الرغبة في العبد المتزوج كالأمة المتزوجة فإذا شهدا بطلاق العبد لزوجته وسيده مصدق على الطلاق وحكم القاضي بالفراق ثم شهد آخران بتجريح بينة الطلاق أو تغليطها فحكم القاضي برد المرأة لعصمة العبد ونقض الحكم الأول ثم رجع شهود التجريح أو التغليظ [ ص: 213 ] عنه فإنهما يغرمان للسيد ما نقص من العبد بسبب التزويج ( قوله فحكم الحاكم برجوعها إلخ ) أي ونقض الحكم الأول بالفراق لتبين أنه قضى بغير عدلين .

( وقوله ما بين القيمتين ) أي فإذا قومت خالية من الزوج بأربعين وبزوج بعشرين فإنهما يغرمان عشرين ولا أرش للبكارة لاندراجها في الصداق ( قوله وسيدها مصدق ) أي على الطلاق وقوله احترازا من إنكاره أي للطلاق وقوله فلا غرم عليهما أي لأنهما لم يدخلا عليه عيبا في أمته ( قوله احترازا من الحرة ) أي من الرجوع عن تجريح أو تغليط شاهدي طلاق الحرة كما لو ادعت حرة أن زوجها طلقها وأقامت بينة بذلك فحكم القاضي بطلاقها فأقام زوجها بينة بتجريح شهودها أو تغليطهم فحكم الحاكم بردها لزوجها فإذا رجع شهود التجريح أو التغليط فإنهم لا يغرمون لها شيئا لأنه لا قيمة للحرة ( قوله ولو كان بخلع ) حاصله أنه إذا ادعى الزوج على زوجته أنها خالعته فأنكرت فأقام الرجل بينة أنها خالعته بثمرة لم يبد صلاحها أو بآبق فحكم القاضي بالخلع بما ذكر ثم رجعت تلك البينة فإنهما يغرمان للزوجة قيمة الثمرة والآبق وتعتبر قيمتها يوم الخلع على الرجاء والخوف وإن كان الغرم يتأخر عن ذلك كما قال عبد الملك وقال ابن المواز إنهما يؤخران للحصول أي لطيب الثمرة وعود الآبق فإذا حصل الطيب وعاد الآبق غرما القيمة حينئذ .

قال ابن راشد وقول عبد الملك أقيس فقول المصنف فالقيمة حينئذ إشارة لقول عبد الملك وقوله بلا تأخير للحصول رد لقول ابن المواز وأشار بقوله على الأحسن لقول ابن راشد القفصي قول عبد الملك أقيس ( قوله أو بنحو ذلك ) أي كبعير شارد ( قوله يغرمانها للزوجة ) أي بدل ما غرمته للزوج بالحكم بالخلع .

( قوله وهو متعلق إلخ ) حاصله أن قوله فالقيمة مبتدأ وقوله حينئذ ظرف لغو متعلق به والخبر محذوف أي فالقيمة حين الخلع يغرمانها للزوجة أو أن حينئذ متعلق بمحذوف خبر أي فالقيمة معتبرة حينئذ أي حين الخلع والوجه الأول هو الذي سلكه الشارح في حل المتن ولا يصح جعل الظرف متعلقا بتغريم مقدرا لدلالة ما بعده عليه والأصل والقيمة تغرم حينئذ لأن المعتبر فيها حين الخلع وإن تأخر غرمها عن وقته ( قوله كالإتلاف ) هذا تنظير بمعلوم والمعنى قياسا على إتلافها قبل طيبها ( قوله بلا تأخير ) أي في ضمانهما لها للحصول ( قوله فالقيمة الأولى ) أي وهي القيمة حين الخلع على الرجاء والخوف وقوله والثانية أي وهي القيمة حين الحصول أي طيب الثمرة وعود الآبق ( قوله فلا تكرار ) تفريع على اختلاف الحكم فسبب التكرار فهم أن قوله فيغرم قيمته حينئذ مثبت وأنه عين المذكور أو لا وكان الأولى أن يقول ولا تناقض تفريعا على عدم توارد النفي والإثبات على محل واحد




الخدمات العلمية