الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( كعفو القصاص ) تشبيه في عدم الغرم أي كما لا غرم عليهما إذا شهدا بأن ولي الدم قد عفا عن القاتل عمدا ثم رجعا عن شهادتهما بعد حكم الحاكم بالعفو وسقط القصاص لأنهما لم يفوتا مالا وإنما فوتاه استحقاق القصاص وهو لا قيمة له نعم يؤدبان ويجلد القاتل مائة ويحبس سنة كما سيأتي للمصنف فقوله كعفو القصاص معناه كرجوعهما عن شهادتهما بعفو مستحق القصاص ومحل عدم غرمهما في رجوعهما عن طلاق ( إن دخل ) الزوج المشهود عليه ( وإلا ) يدخل ( فنصفه ) أي الصداق يغرمانه له بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئا وإنما يجب لها النصف بالطلاق وهو مشهور مبني على ضعيف إذ المذهب أنها تملك بالعقد النصف وعليه فلا غرم عليهما ولكن لا غرابة في بناء مشهور على ضعيف وشبه في غرمهما نصف الصداق قوله

التالي السابق


( قوله ومحل عدم غرمهما إلخ ) أشار بهذا إلى أن قول المصنف إن دخل شرط فيما قبل الكاف ولا يتوهم رجوعه لما بعدها على قاعدته الأغلبية ولعدم صحته هنا وإنما لم يؤخر قوله كعفو القصاص عن شرط ما قبله مع مفهومه لئلا يتوهم أن التشبيه في غرم النصف ( قوله وإلا فنصفه ) هذا قول ابن القاسم في المدونة وقوله وإنما يجب لها النصف بالطلاق أي فسبب شهادتهما بالطلاق غرم الزوج لها نصف الصداق لوجوبه به فإذا رجعا عن الشهادة به غرماه للزوج لأنهما أتلفاه عليه بشهادتهما وقال غير واحد إذا رجعا عن الشهادة بالطلاق قبل الدخول غرما نصف الصداق للزوجة لا للزوج بناء على أنها تملك بالعقد الجميع والطلاق يشطره فالصداق كان واجبا لها بالعقد على الزوج والشاهدان منعاها نصفه بشهادتهما وأخذت نصفه فإذا رجعا عنها غرما لها النصف الذي فوتاه عليها فيكمل لها الصداق والحاصل أن المدونة قالت وإن رجعا عن طلاق فلا غرم إن دخلا وإلا غرما نصف الصداق فقد نص فيها على أنهما يغرمان النصف إذا رجعا وسكت فيها عن مستحقه فمن المختصرين من يقول للزوج ويعلله بأنها لا تملك بالعقد شيئا ومنهم من يقول للزوجة ويرى أن الصداق كان واجبا لها بالعقد على الزوج والشاهدان منعاها من نصفه بشهادتهما فيغرمانه لها إن رجعا عنها وكل من التأويلين أي غرم النصف للزوج أو للزوجة مبني على ضعيف لأن القول بأنها لا تملك بالعقد شيئا والطلاق يقرر نصف الصداق وكذلك القول بأنها تملك بالعقد كل الصداق والطلاق يشطره ضعيف والمعتمد أنها تملك بالعقد نصف الصداق وعلى ذلك ينبني قول أشهب وسحنون وابن المواز من أنهما إذا شهدا بالطلاق قبل البناء وحكم به وغرم الزوج لها نصف الصداق ثم رجعا عن الشهادة فلا غرم عليهما ( قوله وهو مشهور ) أي ما ذكره المصنف من غرمهما النصف إذا رجعا عن شهادتهما بالطلاق قبل الدخول مشهور وقوله مبني على ضعيف وهو أن المرأة لا تملك بالعقد شيئا ( قوله وعليه فلا غرم عليهما ) أي لأنهما لم يفوتا بشهادتهما شيئا لا للزوجة ولا للزوج لأنهما لم يتسببا في وجوب شيء




الخدمات العلمية