الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                معلومات الكتاب

                الأشباه والنظائر على مذاهب أبي حنيفة النعمان

                ابن نجيم - زين الدين بن إبراهيم بن محمد

                صفحة جزء
                [ ص: 245 ] الذي يبدأ به من ارتفاع الوقف عمارته ، شرط الواقف أم لا ثم ما هو أقرب إلى العمارة وأعم للمصلحة كالإمام للمسجد والمدرس للمدرسة يصرف إليهم قدر كفايتهم ، ثم السراج 73 - والبساط كذلك ( انتهى ) .

                وظاهره أن المقدم في الصرف الإمام والمدرس والوقاد والفراش [ ص: 246 ] وما كان بمعناهم لتعبيره بالكاف ، فما كان بمعناهم الناظر ، وينبغي إلحاق الشاد زمن العمارة والكاتب بهم لا في كل زمان ، وينبغي إلحاق الجابي المباشر للجباية بهم ، والسواق ملحق بهم أيضا ، والخطيب ملحق بالإمام بل هو إمام الجمعة ولكن قيد المدرس بمدرس المدرسة وظاهره إخراج مدرس الجامع ولا يخفى ما بينهما من الفرق ; فإن مدرس المدرسة إذا غاب تعطلت المدرسة فهو أقرب إلى العمارة كمدرسي الروم ، أما مدرس الجامع كأكثر المدرسين بمصر ، فلا ولا يكون مدرس المدرسة من الشعائر إلا إذا لازم التدريس على حكم شرط الواقف أما مدرسو زماننا فلا ، كما لا يخفى . [ ص: 247 ] وظاهر ما في الحاوي تقديم الإمام والمدرس على بقية الشعائر لتعبيره بثم فإذا علمت ذلك ظهر لك أن الشاهد والمباشر والشاد في غير زمن العمارة والمزملاتي ، والشحنة وكاتب الغيبة ، وخازن الكتب ، وبقية أرباب الوظائف ليسوا منهم وينبغي إلحاق المؤذنين بالإمام وكذا الميقاتي لكثرة الاحتياج إليه للمسجد وظاهر ما في الحاوي تقديم من ذكرناه ولو شرط الواقف الاستواء عند الضيق ; لأنه جعلهم كالعمارة ولو شرط استواء العمارة بالمستحق لم يعتبر شرطه ، وإنما تقدم عليهم 76 - فكذا هم

                [ ص: 245 ]

                التالي السابق


                [ ص: 245 ] قوله : الذي يبدأ به من ارتفاع الوقف عمارته قال بعض الفضلاء : الظاهر أن محل ذلك إذا كان في تأخير التعمير خراب عين الوقف لما في الخانية : إذا اجتمع من غلة الوقف في يد القيم شيء فظهر له وجه من وجوه البر ، والوقف محتاج إلى الإصلاح والعمارة أيضا ويخاف القيم أنه لو صرف الغلة في المرمة يفوت ذلك البر ، ينظر إن لم يكن في تأخيره إصلاح الوقف ومرمته إلى الغلة الثانية ضرر بين يخاف منه خراب الوقف فإنه يصرف الغلة إلى ذلك البر وتؤخر المرمة إلى الغلة الثانية ، وإن كان في تأخير المرمة ضرر بين فإنه يصرف الغلة إلى المرمة ، فإن بقي شيء يصرف إلى ذلك البر قال المصنف رحمه الله في البحر بعد نقل كلام الخانية : وظاهره أنه يجوز الصرف إلى المستحقين وتأخير العمارة إلى الغلة الثانية إذا لم يخف ضرر بين وفي الفتح ولا تؤخر العمارة إذا احتيج إليها وتقتطع الجهات الموقوف عليها إلا إن لم يخف ضرر بين فإن خيف قدم .

                ( 73 ) قوله : والبساط كذلك ( انتهى ) إلخ قال بعض الفضلاء : لم ينته كلام الحاوي بهذا القدر فإنه قال بعد قوله والبساط كذلك ما نصه : وهذا إذا لم يكن معينا على شيء يصرف إليه بعد عمارة البناء ( انتهى ) .

                والنسخة التي نقلت منها كانت ملكا للمصنف رحمه الله فما أدري بأي سبب اقتصر عليه وقد شاعت مسألة تقدم الشعائر مطلقا في الديار المصرية وأفتى به بعضهم واشتهر عزوه إلى الحاوي القدسي وإلى هذا الكتاب وقد اطلعت على ما في الحاوي بتمامه فكن على بصيرة ( انتهى ) .

                هذا وقد رأيت بخط بعض الفضلاء أن المسجد إذا خرب أو خربت القرية ولم يكن إقامة الشعائر به يستحق أرباب الشعائر والوظائف معلومهم المقرر لهم إذ لا تعطيل من جهتهم على قول أبي يوسف ، يعني مع بقاء المسجدية وعدم عوده إلى ملك الواقف . [ ص: 246 ]

                ( 74 ) قوله : وما كان بمعناهم أقول : يجب تقييده بزمن العمارة والعمل ، إذ الناظر في ذلك لا يكون بمعناهم لعدم الاحتياج إليه حينئذ كما إذا كان أهل الوقف يقبضون الغلة بأنفسهم ولا تعمير في الوقف ولا عمل فيه كالمسألة التي نص عليها القاضي خان وغيره وهي طاحونة وقفها على مواليه مع جملة أرض فجعل القاضي للوقف قيما وجعل له عشر غلة الوقف وهي في يد رجل بالمقاطعة ولا يحتاج فيها إلى القيم لا يستحق القيم عشر غلتها ; لأن ما يأخذه بطريق الأجرة ولا أجرة بدون العمل ( انتهى ) .

                لكن هذا في ناظر لم يتشرط له الواقف ، أما إذا اشترط كان من جملة الموقوف عليهم فيستحقه بالشرط لا بالعمل ومع ذلك ينبغي أن يكون متأخرا عنهم إلا إذا كان في زمن العمارة والعمل الذي يحتاج إليه الوقف فيكون في معنى المدرس والإمام ( انتهى ) .

                وقد سئل المصنف رحمه الله عن مدرس لم يدرس لعدم وجود طلبة تقرر للوقف فهل يستحق المعلوم ؟ أجاب بأنه إن فرغ نفسه للتدريس بأن حضر المدرسة المعينة لتدريسه استحق المعلوم لإمكان التدريس لغير الطلبة المشروطين قال في شرح المنظومة : إن المقصود من المدرس يقوم بغير الطلبة بخلاف الطالب فإن المقصود لا يقوم بغيره ( انتهى ) .

                فعلم أن المدرس إذا درس بغير الطلبة المشروطة استحق المعلوم . [ ص: 247 ]

                ( 75 ) وظاهر ما في الحاوي تقديم ما ذكرنا قال بعض الفضلاء مثل المباشر والشاهد والشاهد الناظر كما تقدم ( 76 ) فكذا هم أي الإمام والمدرس ومن ألحق بهما




                الخدمات العلمية